المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

مقاعد طيران الدرجة الأولى تتقلص لعدم جدواها

في بداية شهر نوفمبر الماضي، أعلنت شركة الخطوط الجوية السنغافورية عن أفخم جناح في العالم مغلق بالكامل، حيث يمكن للمسافرين توقع الأفضل: مقعد يتحول الى سرير (لشخصين، اذا رغبت في ذلك)، وعشاء يقدم على أطباق فاخرة من ماركة «ويدجوود» وشاشة حجم 32 بوصة عالية الدقة وحمامين وخزانة كاملة الحجم.

إلى ذلك، سعت شركة طيران الامارات الى التفوق على شركة الطيران العملاقة في جنوب شرق آسيا مع جناحها من الدرجة الأولى، الذي يضم أرضيات خشبية صلبة واضاءة تبعث على الاسترخاء يمكن التحكم بها وبدرجة الحرارة وملابس نوم هيدرا آكتيف للحفاظ على رطوبة البشرة وأطقم العناية الشخصية من بولغاري وتفاصيل تصميم مستوحاة من سيارة «مرسيدس بنز فئة S».
ويبدو أن هذه الفخامة المتزايدة تعلن عن عصر ذهبي جديد للسفر الجوي الفاخر، على الأقل لأولئك القادرين على تحمل تكاليف التذكرة التي تزيد على 10 آلاف دولار لكل راكب. وقد تقلصت كبائن الدرجة الأولى على مدى عقدين على الأقل، تحت ضغط من صناعة الطيران العالمية التي تركز على الأسعار مع تزايد حدة المنافسة وتغير تركيبة المسافرين. هذا الاتجاه آخذ بالتزايد وبوتيرة سريعة. وقد تبدو أحدث الأجنحة الفاخرة هي المستقبل، لكن ليس من الواضح اذا كانت مقاعد الدرجة الأولى لديها مستقبل على الاطلاق.
تعود فكرة الدرجة الأولى الى أكثر من نصف قرن الى ما يسمى العصر الذهبي للسفر الجوي، عندما كانت المقاعد المخصصة للركاب عموما أكثر اتساعا وكان الطعام أفضل، والكارافانات شائعة، ولم يكن مقبولا ارتداء ملابس الرياضة أثناء السفر. وتم ادخال الكبائن المتعددة الدرجات لأول مرة في خمسينات القرن الماضي.
اطلاق طائرة بوينغ 747 في عام 1969 قدم عالم أكثر فخامة للمسافرين الأثرياء شمل الحانات والصالات والمأكولات ذات المستوى العالمي ومقاعد أكثر اتساعا يمكن تحويلها الى سرير.
وبدأت عملية تخفيف القواعد المنظمة لصناعة الطيران في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات في تغيير المعادلة المالية. وبحلول أواسط الثمانينات من القرن العشرين، وبسبب كونها محاصرة في حروب أسعار قاسية وصارمة، كانت شركات الطيران الأميركية تكافح من أجل الحفاظ على تقديم مستويات خدمة من الدرجة الأولى بأسعار مخفضة. وكان هناك حل واحد: ترك مقاعد الدرجة الأولى فارغة أو منحها مجانا كترقية للعملاء المهمين. ومنذ عام 2011، %14 فقط من مقاعد الدرجة الأولى لشركة دلتا ايرلاينز كانت تباع في حين كان باقي المقاعد يظل فارغا أو تستخدم من قبل ركاب حصلوا على ترقية لتذاكرهم. ومن وجهة نظر تجارية لم يكن ذلك استخداما جيدا للمقاعد القيمة في الطائرة.
الحل، الذي وضع في منتصف السبعينات، تمثل في درجة رجال الأعمال. عندما طرحت لأول مرة، قدمت درجة رجال الأعمال للعملاء الذين يدفعون السعر الكامل للتذكرة مستوى أعلى قليلا من الخدمة التي تقدم لأولئك الذين كانوا على تذاكر مخفضة. في نهاية المطاف، بعد أن أصبحت درجة رجال الأعمال أكثر فخامة، بدأت في التأثير على الدرجة الأولى.
ويستمر هذا الاتجاه. يتمتع ركاب درجة رجال الأعمال، بأسعار أقل لكن لاتزال مرتفعة، بوسائل راحة كانت محصورة بالدرجة الأولى قبل بضع سنوات، من قبيل المقاعد التي تتحول الى أسرة وطعام أفضل وباب وخصوصية. والأهم من ذلك، يمكن وضع مقاعد درجة رجال الأعمال بأعداد أكبر من مقاعد الدرجة الأولى في نفس المساحة، مما يجعل درجة رجال الأعمال أكثر ربحية لشركات الطيران، أيضا.
وعلى الرغم من الضجيج حول جناحها الجديد للدرجة الأولى، خفضت الخطوط الجوية السنغافورية عدد الأجنحة في أسطولها بنسبة %50، في حين زادت من عدد مقاعد درجة رجال الأعمال بنسبة %10، وبنسبة %30 على 11 طائرة. وبالمثل، حتى مع ترويج شركة طيران الامارات لأجنحتها الفاخرة جدا، الا أنها تخطط لتقديم ستة منها فقط على تسعة طائرات بحلول نهاية عام 2019، أي أقل من %4 من أسطولها. وللحصول على فكرة أفضل عن كيفية رؤية طيران الامارات لمستقبلها، لا ننظر الى أبعد من الطائرة التي تحمل رقما قياسيا من المقاعد بواقع 615 مقعدا وبدأت تحلق في عام 2015. هذه الطائرات لم يكن فيها مقاعد للدرجة الأولى على الاطلاق.
ومن بين الشركات الثلاث الكبرى في الولايات المتحدة، قامت دلتا بالغاء الدرجة الأولى في الرحلات الدولية تماما، وتعتزم شركة يونايتد ايقافها في عام 2018، بينما تقدمها شركة أميركان في حفنة صغيرة من الرحلات الجوية. وفي أماكن أخرى من العالم، شركات الطيران بما في ذلك كاثي باسيفيك ولوفتهانزا والهند الجوية وكانتاس تعمل جميعها على تخفيض عدد مقاعد الدرجة الأولى والرحلات المتوافرة عليها تلك الخدمة.
وفي ما تزداد حدة المنافسة في صناعة الطیران العالمي، وزيادة أعداد من يركبون الطائرة للمرة الأولی، فان الضغط سيزداد من أجل الحفاظ علی انخفاض الأسعار. أما بالنسبة للمشاهير ومحبي الخصوصية الذين هم على استعداد لتبذير آلاف الدولارات على جناح خاص فانهم على الأرجح سيجدون دائما خيار الدرجة الأولى على الرحلات بين المراكز المالية العالمية.
لكن، على الأرجح، سيرضى معظم الناس بدرجة رجال الأعمال، أو أن يكون لديهم المال لشراء طائرة خاصة. وستستخدم شركات الطيران أجنحة الدرجة الأولى القليلة، الى حد كبير كفرص تسويقية لعلامتها التجارية، حتى وهي تزيد من عدد المقاعد في طائراتها. بالنسبة لمعظم العالم، فان الدرجة الوحيدة المهمة في المستقبل هي الدرجة السياحية. (بلومبيرغ)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى