المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةغرائب و منوعات

نورية الرومي: فهد العسكر ضحية مجتمع منغلق

أكدت الناقدة والأكاديمية د. نورية الرومي أن الشاعر الراحل فهد العسكر كان يحمل مشروعا تنويريا للمجتمع الكويتي لكنه لم يتقبله في زمنه، كلام الرومي جاء في محاضرة «فهد العسكر شاعر الغزل»، التي استضافها مسرح د. سعاد الصباح في رابطة الأدباء الكويتيين وأدارتها د. إقبال العثيمين.
في بداية المحاضرة أشارت العثيمين إلى أن حياة الشاعر الراحل فهد العسكر مليئة بالتجارب، وأنه ترك تراثا شعريا يستعصي على النسيان، العثيمين أكدت أن العسكر كان ضد الانغلاق، ونثر في قصائده صيحات من أجل الحرية والتفكير، ولم ينصفه زمانه فعاش ومات وحيدا تاركا ثروة أدبية تنتظر المبدعين أن ينصفوه على غرار د نورية الرومي التي قدمت عنه الكثير من الدراسات والكتب.

◗ رائد الشعر الرومانسي
د. نورية الرومي، التي أهدت محاضرتها للفنان غنام الديكان الذي طالبها مرارا بالحديث عن الغزل في شعر فهد العسكر، قالت: إن العسكر يعتبر رمزا من رموز الحركة الشعرية في الكويت والخليج العربي، وأنه صاحب الريادة في  نقل الشعر الكويتي من التقليدية إلى الاتجاه الرومانسي، وحول القصيدة من طريقة المعلقات إلى شعر المقطوعات.
وألقت الرومي بعض الإضاءات على العلاقة المتوترة بين العسكر والمجتمع التي أدت إلى معادته من قبل أسرته والسلطة والمجتمع، فأشارت إلى أن العسكر تكون ثقافيا بطريقة مختلفة عن معاصريه، وكانت بدايته مع مرحلة انتقال التعليم في الكويت من الطريقة الشعبية، الممثلة في الكتاتيب، إلى الطريقة العلمية مع نشأة المدرسة حيث درس في المباركية والأحمدية.

◗ مكتبة الرويح
كما أشارت إلى أن العسكر تتلمذ على أيدي معلمين متنورين وأغلبهم شعراء ساهموا في تكوينه الشعري، وقالت الرومي إن مكتبة «الرويح» لعبت دورا كبيرا في التكوين الفكري للعسكر، حيث كانت تضم الكتب المهمة التي أطلع عليها العسكر، بالإضافة إلى أن رحلاته خارج الكويت إلى الهند والبحرين والعراق ساهمت في انفتاحه، ومن هنا نشأ الصدام بين العسكر المنفتح وبين مجتمع منغلق لا يفهم ما يريد، وبالتالي لا يرحب بشعره ولا برؤيته إلى التنوير والانفتاح.

◗ بين الغزل والوطن
وأكدت الرومي أن أول ركائز الاتجاه الرومانسي يتمثل في الحب وشعر الغزل، وهنا كانت نقطة صدام أخرى مع مجتمع لا يدرك الفرق بين الفن والواقع، فحاول التفتيش بين سطور كل قصيدة حب أو غزل للعسكر ليدينه، ثم قرأت مقتطفات من شعر العسكر ومنها قصيدة «بالشوق بالضنى يا جارة» التي يقول فيها:
يا ابنة الجار أرمض الصحو قلبي
وشجا خاطري وشق المرارة
أخرجيني من الظلام إلى النور
وفرض أن يسعف الجار جاره
وتعرضت الرومي إلى القصيدة الجريئة التي أثارت الجميع ضده وهي قصيدة «بأبي هائمةٌ زفّت لهائم» التي وصفت بأبشع الأوصاف على حد وصفها :
ثم قالت ورذاذ المطرِ
حبَس الطير ولمّا يطرِ
هاتِ بنت النخل يا بن العسكرِ
لا يطاق الصحو في ذا البلدِ

◗ قصص ورموز
وقالت الرومي إن مشكلة العسكر أن شعره يسير على نمط امرئ القيس وعمر بن أبي ربيعة في إطار الشعر القصصي الممزوج بالرموز، وفي شعره يبدو الإلحاح في انتقال البيئة من الانغلاق إلى الانفتاح كما قرأ وشاهد في رحلاته.
وأكدت الرومي أن شعر الغزل عند العسكر ليس حقيقيا ولا يرتبط بالواقع، فهو لا يذكر امرأة محددة في شعره، وإنما المرأة تتخذ أسماء متعددة مثل «مي وليلي» وهي أسماء من التراث الشعري الذي قرأه وتأثر به، حتى صفات المرأة في شعر الغزل لديه لا تشير إلى بيئة أو منطقة محددة في الكويت، وهو ما يؤكد أن قضيته لم تكن التغزل في المرأة وإنما قضيته كانت الوطن.

◗ وما كفرت.. وكفروني
وأشارت الرومي إلى أن العسكر عندما وجد عداء المجتمع له، بدأ يرسل قذائفه الشعرية لهذا المجتمع، وكانت مفرداته في الخلاص الشعر والمرأة والخمر، لقد وصلت علاقته بالوطن إلى طريق مسدود:
هذا رماني بالشذوذ
وذا رماني بالجنون
وهناك منهم من رماني
بالخلاعة و المجون
وتطاول المتعصبون
وما كفرت وكفروني

◗ الرحيل شاباً
وفي نهاية محاضرتها أكدت الرومي أن هذه الأشعار الجريئة أثارت الجميع ضد العسكر، ووضعت ضغطا كبيرا على أسرته التي تبرأت منه، وأهدرت السلطة دمه فشرد وعاش وحيدا في غرفة لا يزوره سوى القليل من الناس، وتكالبت عليه الأمراض وفقد بصره ومات شابا في الرابعة والثلاثين، وقد تنبأ في قصائده بالرحيل شابا:
أنا إن مت أفيكم يا شباب
شاعر يرثي شباب العسكر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى