المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

هل صحيح مقولة: عندما يتكلم المال يصمت الحب؟

بقلم: بهيرة الحلبي

لقد تزوجا عن حب وعاشا هدوء الفكر وراحة البال لفترة من الزمن، أثمرت عن إنجاب ثلاثة أولاد وتكوين أسرة ناجحة، فقد تعاونا معاً على تربية الأبناء وتعليمهم، وتقاسما معاً حلو الحياة ومرٍّها، واتفقا معاً على أداء الواجبات وتحمل المسؤوليات، إلى أن اخترقتهم سوسة جمع المال فبدأت تنخر في عشهم الزوجي وتنغص عليهم حياتهم الوادعة وعيشهم الآمن.
لقد التفت كل منهم إلى عمله الجديد في المضاربة بالأسهم والعملات، وإلى الاستزادة في جمع الثروة والمقتنيات، ولكن أحداً منهم لم يعر الأسرة أدنى اهتمام ولم يسع لحمايتها أو حتى للحفاظ عليها. فقد غيّر المال حالهم وراجع أدوارهم. في السابق كان منزلهم أنيقا حيث تساعد الجميع على صيانته، وغذاؤهم كان صحياً حيث أتقن الكل فن الطبخ فيه، ودرجة أبنائهم العلمية كانت هي الأعلى حيث ساد النظام وفرض الانضباط، ولغة الحوار والتفاهم كانت هي الوسيلة المثلى للتخاطب بين الآباء والأبناء، والرضا بما قسمه الله عليهم كان ديدنهم وسر سعادتهم. فمن حالة كدٍّ واجتهاد للأبناء الى كسل واستهتار، ومن اعتدال في اللباس والزينة إلى المبالغة في صرعات الموضة ومستحضرات التجميل، ومن لقاءات بهيجة وضيافة خفيفة للأهل والأصحاب إلى ندرة في الاجتماع وبذخ عند الاستضافة، ومن نوم هانئ عميق إلى قلق وتوتر وسهر على جغرافية المكان وخزائن اكتناز المال، ومن تواضع في التعامل مع الآخرين إلى تكبر واستعلاء ليس له مثيل، ومن جود في الصرف على الأعمال الإنسانية إلى بخل وتقطير.
هل يفعل المال بنا كل هذه المخالفات؟! بالطبع ليس كل الناس سيّان ، فالإنسان الذي طمح أن يرتقي بإمكاناته المادية ليصبح ثرياً ، وكان له ما اشتهى من مال وأعمال، عليه أن يرشد هذه المنحة ويستثمرها خير استثمار ، وأن لا يصاب بالغرور لأنه أكثر القوم مالاُ !، بل الواجب يقتضي وبفضل ما حباه الله من نعم وأرزاق وقدرة على صناعة القرار ، أن يكون أكثرهم نفعاً وفائدة للناس ،وأحرصهم وفاء بالعهود والمواثيق ، وأشدهم دفاعاً عن حقوق الضعفاء والمظلومين ، وأكثرهم التصاقاً بأهله وأفراد أسرته حيث لا مصالح شخصية تعلو على حقوق الأبناء ولا جفاف عاطفي يتعمق بين الأزواج .
وقد قيل في المال:
” لا يمكن شراء الحب بالمال، ولكنك بامتلاكه تستطيع تحسين موقفك التفاوضي “.
” من قال إن المال لا يمكنه شراء السعادة، فهو ببساطة لم يعرف أين عليه أن يتسوق “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى