المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

غرائب و منوعات

هل من رابط بين الإجهاد العاطفي وداء القلب؟

 

غالباً ما يربط الاختصاصيون بين الاجهاد العاطفي والنوبة القلبية أو كل ما له علاقة بخلل وظائف القلب فهل هذا الأمر صحيح وما مدى دقة هذه المعلومة؟

يؤدي مركز الخوف في الدماغ إلى الالتهاب وقد يسبب نوبة قلبية في بعض الحالات. إلا أن تقنيات الحد من الإجهاد تحول دون ذلك.
تؤدي اللوزة الدماغية، وهي منطقة صغيرة شبيهة بحبة لوز في الدماغ، دوراً في معالجة المشاعر الحادة، كالقلق، والخوف، والإجهاد. في هذا المجال، أظهرت دراسة جديدة اعتمدت على صور للدماغ مساهمة ارتفاع النشاط في هذه اللوزة في إطلاق سلسة من التطورات في مختلف أنحاء الجسم تزيد خطر التعرض لنوبة قلبية.
وفق اختصاصيي الطب في جامعة هارفارد: “تحدد الدراسة الآلية التي تربط الإجهاد بالتهاب الشرايين وبالتالي بخطر الإصابة بنوبة قلبية”. سبق أن أظهرت دراسة أُجريت على الحيوانات أن الإجهاد ينشّط نقي العظم، الذي يُنتج كريات الدم البيضاء. فتؤدي هذه الكريات، التي تحارب الأخماج، إلى الالتهاب، علماً بأن الأخير يشكّل عملية تعزز تراكم الصفيحات الدهنية داخل جدران الشرايين. “لكننا كنا نجهل الجواب عن السؤالَين: هل يحدث الأمر عينه في حالة البشر؟ وما دور الدماغ”، حسبما يضيف.
لمعرفة الجواب، حلل الأطباء بيانات 293 شخصاً خضعوا لعملية تصوير خاصة تُدعى التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني/التصوير المقطعي بالكمبيوتر (PET/CT) تُجرى غالباً للتحقق من داء السرطان. يعتمد الفحص على متتبع مشع يستطيع أن يقيس النشاط داخل منطقة محددة من الدماغ ويكشف أيضاً عن الالتهاب في الشرايين. لم يعانِ أي من المشاركين سرطاناً نشطاً أو داء القلب عند إجراء عملية التصوير. وخلال مرحلة المتابعة، التي دامت من سنتين إلى خمس سنوات، عانى 22 شخصاً اضطراباً قلبياً وعائياً أو أكثر، كذبحة صدرية (ألم في الصدر)، لأو نوبة قلبية، أو سكتة دماغية.
أشار الأسهم في صور الدماغ إلى جزأين من اللوزة مع مناطق أكثر إشعاعاً (باللون الأخضر) عكست معدلات أعلى في نشاط اللوزة. ويرتبط تنامي هذا النشاط بارتفاع معدلات الإجهاد الظاهر وخطر الإصابة بنوبة قلبية.

فرط نشاط اللوزة الدماغية

كشفت نتائج الدراسة، التي نُشرت في صحيفة Lancet، ارتباط ارتفاع النشاط في اللوزة الدماغية بتنامي نشاط نقي العظم، والالتهاب في الشرايين، وخطر الإصابة بنوبة قلبية أو أي اضطراب قلبي وعائي آخر.
وظلّ الرابط قائماً حتى بعدما أخذ الباحثون في الاعتبار عوامل أخرى تؤثر في خطر الإصابة بداء القلب، كارتفاع ضغط الدم والداء السكري. كذلك سلّط نشاط اللوزة الضوء على توقيت هذه الاضطرابات، بما أن مَن عانوا فرط نشاط اللوزة أُصيبوا بها في وقت أبكر.

يختلف حجم اللوزة ونشاطها باختلاف الأشخاص. إلا أن مَن يعانون من القلق واضطرابات الإجهاد يملكون عادةً معدلات أعلى من نشاط اللوزة.
تساعد الأخيرة، التي تُدعى غالباً مركز الخوف في الدماغ، الناس في الإحساس بالإجهاد الكبير، وتقييمه، وإعداد رد فعل نفسي داخلي، وفق الدكتور توكل.

يشمل تقرير صحيفة Lancet أيضاً نتائج دراسة أخرى منفصلة شملت 13 شخصاً يعانون اضطراب إجهاد ما بعد الصدمة. ملأ هؤلاء استبانات مصممة لتقييم معدلهم الحالي من الإجهاد، فضلاً عن خضوعهم لعملية التصوير ذاتها، فاتضح أن ارتفاع معدل الإجهاد الظاهر يترافق مع تنامي نشاط اللوزة وازدياد الالتهاب في الشرايين.

للحد من الاجهاد

الخبر المفرح هو أن تقنيات الحدّ من الإجهاد، كالتأمل واليوغا، تخفض نشاط اللوزة، وفق البحث. على نحو مماثل، تشير دراسات صغيرة عدة إلى أن إستراتيجيات الحد من الإجهاد تقلّل الاضطرابات القلبية الوعائية. ركّزت إحداها على مَن يخضعون لبرامج إعادة تأهيل قلبي تشمل تمارين تدريب تخضع لإشراف متخصص وممارسات تعزّز صحة القلب وتضمّ مرضى يتعافون من اضطرابات وجراحات في القلب.

اتضح في هذا المجال أن مَن شاركوا في برامج إعادة تأهيل القلب “المتقدمة” (تشمل مجموعات حوار صغيرة وتدريب للحدّ من الإجهاد، واكتساب مهارات التأقلم، وتعلّم تقنيات الاسترخاء) واجهوا عدداً أقل من الاضطرابات القلبية خلال السنوات الثلاث التي تلت عملية إعادة التأهيل، مقارنة بمن خضعوا لعملية إعادة تأهيل تقليدية أو مَن قرروا عدم خوض عملية مماثلة.

دفعت هذه الأدلة المتراكمة، فضلاً عن اكتشافات الاختصاصيين الأخيرة، الأطباء إلى سؤال مرضاهم عن معدل إجهادهم وإحالتهم أحياناً إلى برنامج للتحكّم في الإجهاد في معهد بنسون- هنري لطب الجسم والعقل.
ويؤكّد ألطباء أنهم ما زالوا بحاجة إلى تجارب عشوائية كبيرة للتأكّد من أنّ معالجة الإجهاد تخفض معدل مرض القلب.
ولكن من المنطقي في هذه الأثناء أن ننصح مَن يواجهون معدلات إجهاد عالية ويُعتبرون أكثر عرضة لمرض القلب بخفض معدل إجهادهم، بما أن هذه الخطوة تعود عليهم ببعض الفوائد ولا تشتمل على مخاطر.
في هذا السياق، دُرس تأثير تقنيات الحدّ من الإجهاد في مجموعة من العلل، ولم يتبين أن لها أي انعكاس سلبي.
غالباً ما نتعاطى مع إجهادنا كما لو أنّه مجرّد مصدر إزعاج بسيط. ولكن ينبغي تغيير نمط تفكيرنا كي نركّز على معالجة الإزعاج كما لو أنه سمّ، حسبما اتضح أخيراً.
ويشكّل الإكثار من التمرّن الرياضي أفضل وسيلة للتخفيف من الإجهاد، كما أنّ تقنيات التأمل الواعي والتمتع بليلة نوم هانئة من الوسائل الفاعلة أيضاً.

حارب الاجهاد

يقدّم معهد بنسون- هنري لطب الجسم والعقل في مستشفى ماساتشوستس التابع لجامعة هارفارد مجموعة من البرامج تساعد الناس في تحسين نوعية حياتهم والتكيّف مع حالات طبية مختلفة.
على سبيل المثال، يعلّم “تدريب التحكم في الإجهاد والمرونة” تمارين رعاية ذاتية تساهم في صدّ الإجهاد اليومي وتعزّز المرونة (القدرة على التكيّف مع الإجهاد).

خلال جلسات التدريب الفردية والجماعية، يتعلّم الناس عن الإجهاد وعلاقته بالمشاكل الجسدية والعاطفية. كذلك يشدّد هذا البرنامج على أهمية الغذاء الصحي، والنوم المجدِّد، والنشاط الجسدي.

ومن أهم محاوره تعلّم مجموعة من التقنيات تعزّز رد الفعل المعاكس للإجهاد الذي يساعد على الاسترخاء.

حدّد ردَّ الفعل الذي يساعد على الاسترخاء للمرة الأولى طبيبُ القلب الدكتور هيربرت بنسون في كلية الطب في جامعة هارفارد في سبعينيات القرن الماضي.

ومن الممكن تحفيز رد الفعل هذا بطرائق عدة، من بينها التأمل والصلاة المتكررة. إلا أنك تستطيع أيضاً تحفيزه بخطوتين بسيطتين:

الخطوة الأولى: اختر التركيز الهادئ. تشمل الأمثلة الجيدة تنفسك، أو الصوت “أوم”، أو صلاة قصيرة، أو كلمة (مثل “الاسترخاء” أو “السلام”) أو جملة إيجابية (“تنشق الهدوء وحرّر التوتر” أو “أنا مسترخٍ”).
كرر هذه بصوت عالٍ أو بصمتٍ خلال عمليتي الشهيق والزفير.

الخطوة الثانية: انطلق واسترخِ. لا تقلق حيال ما تقوم به، وعندما تلاحظ أن ذهنك بدأ يشرد، يكفي أن تأخذ نفساً عميقاً وتقول لنفسك “فكّر فكّر”، وأعِد انتباهك بهدوء إلى محور تركيزك.

لا شك في أن ممارسة هاتين الخطوتين مدة 10 إلى 20 دقيقة يومياً تساعدك في الحد من تأثيرات الإجهاد في جسمك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى