المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

يعقوب الحمد.. في ذمة الله

المصدر - القبس

فقدت الكويت، أول من أمس، واحداً من رجالاتها، وأحد الشخصيات الرائدة في مجال المال والأعمال، صاحب الرأي السديد إن تكلّم، والحكمة إن صمت.. المباشر وغير الهيّاب لقول الحقّ.. المستمع الجيد والهادئ، الذي كان باستطاعته التوصّل الى حل أكثر المشاكل المعقّدة. والمبتعد عن الأضواء واللقاءات العامة، والمتفرّغ للقراءة والحياة الخاصة..

انه المرحوم العم يعقوب يوسف الحمد، أول طالب جامعي كويتي يُصدر كتاباً، يعالج فيه رؤيته لبناء وطن، أطلق عليه عنوان «ماذا نريد من حكومة الكويت؟»، أصدرته مجلة البعثة عام 1952، وتضمن الاحصائيات والأرقام والأهداف والحلول لمشاكل الوطن، فاتحاً مجال النقاش في تلك السنوات الأولى من نهضة الكويت، مشددا على الروح التي تحتاجها كلّ أمة، خصوصا في مطلع نهضتها.

كان المرحوم يعقوب الحمد المولود عام 1924 الرابع بين اخوته.. وسيرته حافلة بالإنجازات منذ دراسته في كلية فكتوريا بالإسكندرية، وتخرُّجه في جامعة فؤاد الأول بالقاهرة عام 1950، حاملا شهادة البكالوريوس في التجارة، حيث كان من المؤسسين الأوائل لنادي الخرّيجين، وانضم الى عضوية مجلس الشورى عام 1955، ومن ثم عمل في مجالس إدارات السينما الكويتية والبنك الوطني منذ الخمسينيات لغاية نهاية السبعينيات. كما عمل عضواً في مجلس التخطيط، الذي أنشئ عام 1962 كهيئة مستقلة ملحقة بمجلس الوزراء، وعضواً في مجلس النقد الكويتي عام 1963.

هكذا قضى المرحوم يعقوب الحمد أكثر من نصف قرن في رسم السياسة الاقتصادية وتطوير برامج التنمية، مبحراً في عالم التجارة والمال والأفكار، وجديراً بتسميته أحد أهم روّاد التطوير في حقبة النهضة الكويتية.. كان مؤمناً بالإنجاز الدقيق الخالي من العقبات الإدارية والروتينية؛ لذلك اعتمد أسلوبه في العمل على ايصال أفكاره بشكل مباشر وبطريقة سلسة ومختصرة، وباعتباره رئيس مجلس إدارة نأى بنفسه عن التدخّل في الإدارات والأعمال اليومية، مانحاً المديرين صلاحيات كاملة، في حين تفرّغ لرسم القضايا الكبرى والاستراتيجية ومتابعة تنفيذها.

بليغ في كلامه، وحصيف في تكثيف جُمله، وحديثه يشبه طباعه الهادئة وشخصيته المنظّمة جدا، مترفِّعا عن الصغائر، يعالج الأمور بأدب جم وطيبة منقطعة النظير.

ركّز اهتماماته في الشأن التجاري والمالي، وابتعد عن القضايا السياسية، لكنه أدرك مبكراً مسؤوليته تجاه مجتمعه، مساهما بعد تخرّجه مباشرة في الأعمال التطوعية مع يوسف ابراهيم الغانم وخالد الخرافي بتدريس الطلبة في المدرسة المباركية بالمجان في الدروس المسائية.

حمل أفكاراً ومشاريعَ، وطرح نظرة مستقبلية في ظروف تأسيس الكويت وبداية انطلاقها إلى العالم، مطلع الخمسينيات، حيث تقرأ في أعماله وانجازاته الروح الوثّابة والطموحات الكبيرة التي يحملها الرواد الذين وهبوا حياتهم لخدمة وطنهم، ورفع شأنه؛ ليجدوا ثمرة أمنياتهم ماثلة أمامهم في بلد، ينمو ويتطور، ويصبح له شأن كبير في المجتمع الدولي.. وبلا شك، كان المرحوم العم يعقوب يوسف الحمد أحد الروّاد الذين تفخر بهم الكويت والكويتيون إلى الأبد.

والقبس التي آلمها المصاب تتقدّم من أسرة الفقيد بأحرّ التعازي، متضرّعة إلى الله تعالى أن يتغمّد الفقيد بواسع رحمته، ويُسكنه فسيح جناته..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى