المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

قادة الصناعات يحتاجون لسد الفجوات الرقمية التي سببتها جائحة “كوفيد-19” وتأمين التدفق النقدي مرة أخرى من خلال سلاسل التوريد الوطنية

عبدالله بن صالح - الرياض

 

استفاد قادة الصناعات في المنطقة من درسين هامين وضروريين خلال فترة الإغلاق مع انتشار جائحة “كوفيد-19” فيما يتعلق بتقييم استمرارية الأعمال ومناقشات التخطيط المستقبلية التي يجريها المدراء التنفيذيون الآن مع استمرار الشركات والاقتصادات في الانفتاح. الدرس الأول هو أن النقد هو ملك حقا. تستمر المشاكل التي واجهتها الشركات والتي تتعلق بالتدفقات النقدية والسيولة منذ بداية الإغلاق في مارس، وحتى الوقت الحالي. تم تمديد دورات الدفع للمشتري والتي كانت من 30 إلى 60 يومًا لتصل إلى 90 يومًا، ولا تزال مستمر إلى الآن لمدة 180 يومًا، بافتراض أن الموردين سيحصلون على أموال في النهاية. كان هذا هو التحدي الأول الذي سمعناه من شركاء عمل Tradeshift ولا يزال يهدد استمرارية الأعمال واستدامتها خلال فترة التعافي، ولا يقتصر هذا الأمر على هذه المنطقة فقط، وإنما يشمل العالم كله. الأمر الثاني هو أن قيمة الفواتير الورقية حاليًا تساوي تقريبا قيمة الورق الذي طبعت عليه. لا تزال الشركات تعتمد على نظام الفواتير الورقية وأنظمة إدارة سلسلة التوريد، وقد أمضت فترات الإغلاق من دون القدرة على إصدار الفواتير ومتابعة المدفوعات. لم تتمكن هذه الشركات فعليًا من الوصول إلى الملفات اللازمة للمتابعة مع العملاء لتأمين المدفوعات. والأمر المثير للدهشة هو أن 50٪ من الشركات حول العالم ما زالت تعتمد على الأنظمة الورقية القديمة. يساهم هذان الدرسان الهامان في إدراك أن إدارة سلسلة الإمداد الرقمية والبنية التحتية للدفع لم تعد مجرد استثمار في المستقبل. وهذه الفكرة قد ولت منذ وقت طويل. لقد أضحت ضرورة تجارية لبناء أعمال مستدامة تتمتع بخطة عمل مستمرة ومناسبة لتحقيق الأهداف. ورغم أن قطاع الأعمال يتميز بوجود شركات مبتكرة تعتمد أنظمة متطورة للغاية، فإن الشركات في هذه المنطقة كانت بطيئة بشكل ملحوظ في استثمار واعتماد استراتيجيات وتقنيات البنية التحتية الرقمية الأساسية، الأمر الذي استند أساسًا إلى مخاوف من ضياع التكلفة والوقت. وقد يعتبر البعض أن البنية التحتية الرقمية “يكون ثانوياً ” وتتماشى مع الاستثمار المستقبلي ولكنها لم تصل إلى رأس القائمة. أما البعض الآخر فهو ينظر إلى الوقت الذي سيستغرقه هذا التوجه والانقطاع المحتمل الذي قد يسببه للأعمال.
إن هاتين الفكرتين خاطئتان وعفا عليهما الزمن، وتؤديان إلى المزيد من المخاطر التي يمكن تجنبها والمزيد من الأعباء المالية للشركات. مع التقدم في أنظمة تحرير الفواتير ودفع سلسلة التوريد المعتمدة على السحابة والأنظمة الرقمية بالكامل، فقد تمكنت الشركات العالمية من ربط أكثر من 5000 مشتري في أربعة أسابيع فقط في نظام إدارة واحد عبر الإنترنت بواجهة مشتركة واحدة، وهذا ما يلغي الحاجة إلى التنقل بين آلاف المنافذ الخاصة بالمشترين. يمكن للشركات اليوم التحول إلى الأنظمة الرقمية بأقصى سرعة وكفاءة. ويمكنها التخلص من ساعات العمل الطويلة والتكاليف غير الضرورية والتي تلزم لاستخدام النظام الورقي غير الفعال والذي يتطلب المتابعة المباشرة يوميًا لتتبع المدفوعات من المشترين في جميع أنحاء العالم. والأهم من ذلك كله، هو إمكانية الحصول على تدفق الأموال مرة أخرى. إن عودة تدفق الأموال مرة أخرى هو الأولوية الأهم بالنسبة للجميع. وقد أدركت مؤسسة تمويل الصادرات الدنماركية مدى أهمية انتقال المدفوعات عبر سلسلة التوريد في الدولة من أجل تحقيق الانتعاش الاقتصادي الوطني. payments to preserve their own working capital. ومن خلال شراكة طورتها Tradeshift، تنفذ مؤسسة تمويل الصادرات الدنماركية نموذجًا مبتكرًا وجديدًا يعتمد على التكنولوجيا لتمويل سلسلة الإمداد لدعم المصدرين في الدولة والذين يواجهون صعوبة في تحصيل المال من المشترين الدوليين الذين يؤخرون المدفوعات للحفاظ على رأسمالهم العامل. يجمع هذا الإطار الجديد بين مؤسسة تمويل الصادرات الدانماركية والشركاء المصرفيين الاستراتيجيين وأكبر الشركات في الدولة ضمن منصة تقنية واحدة عبر الإنترنت. ومن خلال استهداف 250 شركة من أكبر الشركات في الدنمارك، فمن المتوقع أن يساهم هذا النظام في وصول 55 مليار دولار ضمن مدفوعات سلسلة التوريد على مدى الأشهر الـ 12 المقبلة لدعم الانتعاش الاقتصادي الوطني مباشرة بعد الخروج من جائحة “كوفيد-19” وعودة تدفق الأموال من خلال تنظيم الأعمال التجارية في جميع أنحاء البلاد.
وفي الواقع لا يوجد مسار للتطبيع لفترة ما بعد “كوفيد-19” حتى لو استخدم مصطلح “الوضع الطبيعي الجديد” الذي تم الإفراط في استخدامه. وقد أدركت القيادة السعودية هذا المفهوم، خاصة وأن الآثار التي سببتها جائحة “كوفيد-19” واضحة والتأثير الاقتصادي والجيوسياسي الذي تركته واضح. وعلى وجه السرعة، استعدت المملكة العربية السعودية للتغييرات المتوقعة من خلال تقديم تحليل شامل للدولة والحالة الاقتصادية العالمية، والتقرير الخاص بمجموعة الأعمال B20 لمجموعة العشرين. يوضح التقرير جهدًا وتعاوناً بين الحكومات ومؤسسات الحوكمة العالمية والشركات للتنقل في المستقبل. وتأكيدًا على أهمية التقرير، وضعت المملكة العربية السعودية خطة من ست نقاط للتعافي من “كوفيد-19″، وهو دليل لتحقيق الازدهار الاقتصادي بعد “كوفيد”. لقد كشف “كوفيد” عن مشكلات خطيرة في سلسلة التوريد في المملكة العربية السعودية. فيما يتعلق بهذه القضايا بشكل مباشر، فإن الخطة الاستراتيجية تواجه العقبات في سلسلة التوريد الإقليمية والعالمية ونقص الأنظمة الرقمية ضمن مختلف القطاعات. . وفي الوقت الحالي، يجب أن يبدأ قادة الصناعات في جميع أنحاء المنطقة بالتوجه إلى مسار الانتعاش. لكنهم يحتاجون أيضًا إلى النظر إلى ما هو أبعد من التعافي فقط، ويعني ذلك إعادة التفكير في الأساس والبنية التحتية التي بنيت عليها عملياتهم الأساسية.
تشترك كل من مرحلة التعافي الفوري واستراتيجية النمو المستقبلية طويلة المدى في أساس مشترك: التحول الرقمي والاستدامة. هذه هي قضية الأعمال الأهم في الوقت الحالي للحفاظ على القدرة التنافسية ودفع عجلة النمو المستقبلي المستمر.
حان الوقت الآن للشركات في المنطقة للالتزام بسد ثغرات أعمالها الرقمية. تتمثل نقطة البداية الذكية اليوم في اعتماد الأنظمة الرقمية في البنية التحتية الأساسية وإدارة سلسلة التوريد وأنظمة الفواتير والدفع. إنها بلا شك ضرورية للمساعدة في الحصول على التدفق النقدي مرة أخرى على المدى القصير، وحماية استمرارية الأعمال في مواجهة مستقبل غامض، وبناء أساس قوي وجوهري لمستقبل مزدهر ومستدام. انتهى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى