المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

5 أسرار لنجاح سنغافورة في الاستثمار بالتعليم

منذ وفاته قبل عامين ولا تزال إنجازات لي كوان يو موضوع نقاش عالمي واسع، ولكن يوجد هناك واحد من أهم عوامل نجاح مؤسس سنغافورة الحديثة في الوصول بالبلاد إلى ما هي عليه اليوم لم تتم الإشارة إليه إلا على استحياء، وهو الاستثمارات التي قام بها ومن خلفوه في مجال التعليم.
ولطالما أشار يو إلى أن إستراتيجيته هي تنمية المورد الطبيعي الوحيد الذي تمتلكه سنغافورة، وهو شعبها.
وتتصدر سنغافورة اليوم قائمة البلدان التي تحتوي على أفضل مدارس وأعلى مستوى في التحصيل الدراسي في العالم، وفقاً لتصنيف منظمة الاقتصاد والتعاون والتنمية OECD.
وعلى الرغم من أن عدد سكان «المدينة الدولة» هو خمسة ملايين نسمة فقط، فإنها تفتخر بوجود جامعتين محليتين ضمن أفضل 75 جامعة على مستوى العالم، وهو بالمناسبة نفس عدد الجامعات اليابانية والألمانية والصينية في القائمة. لكن كيف حدث هذا؟ وماذا فعل لي كوان يو وخلفاؤه من بعده؟ هذا ما يحاول التقرير الذي نشرته مؤسسة «بروجيكت سنديكيت» الإجابة عنه.

1 – البدء من حيث انتهى الاستعمار
أولاً – بالنسبة إلى الدول التي تضع خطواتها الأولى في مجال التعليم، ينبغي التأكيد على أن نظام التعليم في سنغافورة لم يصممه لي كوان يو وزملاؤه من الصفر، وإنما تم بناؤه على أسس متينة ورثتها البلاد من الاستعمار البريطاني للبلاد.
على النقيض من العديد من معاصريه خلال فترة ما بعد الاستعمار، لم يخف لي كوان يو من أن يتبع أي سياسة كانت موجودة أثناء الاستعمار من شأنها أن تكون مفيدة في تأسيس سنغافورة الحديثة.
ولا يوجد دليل على هذا النهج أكثر وضوحاً من التعليم، فالعديد من المؤسسات التعليمية الرائدة في البلاد تأسست قبل الاستقلال (1963) بفترة كبيرة، على سبيل المثال، جامعة سنغافورة الوطنية (1905)، ومؤسسة رافلز (1823).

2 – مناهج معاصرة
المنهج الدراسي للمرحلة الثانوية في سنغافورة تم تصميمه على أساس النظام التعليمي الثانوي البريطاني، ولكن مع تعديلات بسيطة تتناسب مع ارتفاع مستويات التحصيل العلمي لدى الطلاب في سنغافورة.
وعلى الرغم من أنه لا يتم إهمال تطوير البنية التحتية بأي شكل من الأشكال، فإن الاستثمارات السنغافورية في مجال التعليم تتركز بشكل رئيسي على الطالب والمعلم.
وتم بناء نظام وطني سخي للمنح الدراسية، وهو ما يمكن أفضل الطلاب من الاستفادة من التعليم في بعض الجامعات العالمية الرائدة، وذلك على الرغم من أن سنغافورة نفسها تمتلك واحدا من أكثر الأنظمة التعليمية تطورا في العالم.

3 – الاستثمار في المعلمين أيضاً
وبسبب حرصها على أن تكون رواتب مهنة التدريس أعلى من المتوسط الوطني للأجور، نجح النظام التعليمي في سنغافورة في جذب أفضل الخريجين للعمل به.
حينما يتعلق الأمر بانتقاء وتطوير أفضل المواهب تأتي سنغافورة من دون شك في المقدمة، وتحاول تحقيق أقصى استفادة من ذلك النهج من خلال إلزام متلقي المنح الدراسية الحكومية بالخدمة في القطاع العام لمدة لا تقل عن سنتين مقابل كل سنة دراسية.
وبنفس القدر من الاهتمام، يتم الاعتناء بدعم المعلمين وتطويرهم، وتتم تولية المدرسين أصحاب الأداء العالي مسؤوليات قيادية، سواء في وزارة التعليم أو في إدارة المدارس، من دون الالتفات إلى طول أو قصر مدة خدمتهم.
وكثيراً ما يتم انتداب المعلمين للقيام بأعمال تخص سياسات التعليم في سنغافورة، وفي وقت لاحق يتم اختيار العديد منهم من أجل العودة إلى الفصول الدراسية.

4 – تطلع إلى الأمام
تفتخر سنغافورة بجميع مؤسساتها التعليمية، ولكن يمكن القول إن درة تاج ذلك النظام هي مئات المدارس المحلية ومعاهد التعليم الفني التي توفر تعليماً عالي الجودة للجميع. والقائمون على النظام التعليمي في سنغافورة متطلعون دائماً إلى الأمام، وهذا ما يظهره تبنيهم للغة الإنكليزية كلغة ثانية (بالإضافة إلى اللغة الأم الماندرين أو الملايو أو التاميل)، وتركيزهم على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ومدفوعة بحاجة المجتمع متعدد الأعراق للغة مشتركة اختارت سنغافورة اللغة الإنكليزية كلغة ثانية، ولكن تلك الخطوة أيضاً كانت في حقيقتها اعترافاً منها بالانتشار السريع للغة الإنكليزية كلغة مشتركة للتجارة العالمية والعلوم.
ويستمر النظام التعليمي في سنغافورة في التطور مع مرور الزمن، ففي التسعينات بدأ صناع السياسات الذين شعروا بالقلق من تركيز النظام التعليمي للبلاد على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بشكل مفرط في دعم وتوفير سبل للتميز في العلوم الإنسانية.

5 – الأمر يتجاوز التعليم الرسمي
وبالنسبة إلى الأب المؤسس لسنغافورة، فإن التعليم يتجاوز مجرد التعليم الرسمي، فكما قال في خطاب له في عام 1977: تعريفي للرجل المتعلم، هو رجل لا يتوقف أبداً عن التعلم ويريد أن يتعلم.
في الواقع، إن النظام التعليمي العالمي الذي تمتلكه سنغافورة اليوم، يمكن اعتباره واحداً من إنجازات لي كوان يو الأعظم أثراً، ولذلك لا تبدو أنها صدفة أن جنازته شيعت من جامعة سنغافورة الوطنية. (ارقام)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى