المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

يوم تاريخي عربي عالمي عظيم

بقلم: سارة مشبب آل سالم استاذة لغة عربية

 

 

( الجزء الثاني )

لاشك أن اللغة العربية من اقدم اللغات السامية و من اكثر اللغات في العالم انتشارا اذا يتخطى عدد المتحدثين بها بأكثر من ( ٤٠٠ ) مليون شخص يتحدثون اللغة العربية، و( ١.٥ ) مليار شخص يستخدمونها في ممارساتهم الدينية، ما يجعلها خامس لغة محكية في العالم.

ويتواجد متحدثوها في الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق المجاورة للوطن العربيةوهي لغة عالمية لا ينطق بها العرب فقط بل غير العرب، وهي من بين اللغات الأربع الأكثر استخدامًا في الإنترنت ، مما لفت النظر إليها كأحد أهم اللغات التي يجب أن يدرسها الجميع للاستمتاع بجمالها وثرائها، وكذلك الأكثر انتشارًا ونموًا ومتفوقة على الفرنسية والروسية.
وهي لغة حضارية راقية وواسعة مستوعبة لكل جديد ، وهي لغة خالدة لاتهرم ولا تموت، وقد حظيت اللغة العربية أهمية كبيرة قبل الإسلام وبعده باهتمام اكبر لدى المسلمين فهي لغة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، وكونها جزء لا يتجزء من الدين الإسلامي الذي لا يقوم الا بها.

واللغة العربية هي أيضا لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في الوطن العربي، كما كتبت بها الكثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى، كمؤلفات دوناش بن لبرط وابن حيوج في النحو وسعيد الفيومي وموسى بن ميمون في الفلسفة ويهوذا اللاوي في الشعر وإسحاق الفاسي في تفسير التوراة، فكان لها بالغ الأثر في اللغة والدين والأدب اليهودي.

وللغة العربية خصائص ومميزاتها التي تميّزُها عن اللغات الأخرى، وهي:
* الإيجاز .
* لاحتوائها على حرف الضاد الذي لا تملكُه أيّ لغة ثانية في العالم .
* مرونة الاشتقاق وجذورها متناسقة، إذ إنّ لكلّ كلمة جذراً أصليّاً.
*الإعراب، الذي يعتبرُ من أقوی عناصراللغة العربیّة وأقوى خصائصها، وهو عبارة عن تغییر الحالة النحـویّة للكلمة بعد تغیّر العوامل التي تدخل علیها، وتتمثّل أهميّته في نقل المفاهیم، وحمل الأفكار، ودفع الغموض، والتعبیر عن الذات، وفَهْم المراد.
* الاشتقاق، الذي يعدّ من الخصائص النادرة في اللغة العربيّة، ويقصدُ به اقتطاع فرع من أصل، وأخذ صیغة من صیغة، وشيء من شيء، ولفظ من لفظ، كما أنّه يعتبرُ المادّة الأصلیّة التي تتفرع منها فروع المعاني والكلمة.
* الترادف والتضادّ اللذان يعتبرانِ مظهراً من مظاهر اللغة العربیّة، حيث يقصدُ بالترادف بالحالة التي يطلقُ فيها عدّة ألفـاظ للمعنی الواحد مثل العسل والشهد، أمّا الأضداد فهو عبارة عن دلالة اللفظ الواحد علی معنیْین متضادّین مثل الليل والنهار.
*الأصوات إذّ إنّ اللغة العربیة بلغتِ الكمال والإعجاز خاصّة في صفة الصوت، كما أنّها لن تتعرّضَ إلى السقم والانحدار الداخليّ الذي أصاب اللغاتِ الأخرى، فقد احتفظت اللغة العربية بكافّة مقوّماتها الصوتیّة، والدليل على الأصواتِ مخارج الحروف وصفاتها المحسنة مثل الاستعلاء والاستفعال، والشدّة والرخاوة، والهمس والجهر، والانـفتاح والإطباق، والقلقلة واللین والغنّة، والتفخیم والترقیق وغيرها.
* دقة التعبیر حيث إنّ اللغة العربية تتميّزُ بالفصاحة، والرصانة، والجودة، وسلامة التراكیب.
*التعریب، عبارة عن عملیّة تهذیب للكلمة التي تخرجُ وفقاً للأوزان العربیّة وأبنیتها.
*سعة اللغة العربيّة، حيث إنّها زاخرة بمفرداتِها. التمييز بين المذكّر والمؤنث، واحتواؤها على الضمائر الخاصّة بكلٍّ من المذكّر والمؤنث.
* قدرتُها على استيعاب اللغاتِ المختلفة الأخرى

واللغة العربية لغة هامة، نجد أن أعظم الأدباء والشعراء والفقهاء العرب ( وغير العرب ) تغنوا بجمال لغة الضاد وبينوا أهميتها من خلال مقولاتهم وعباراتهم :

*اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة ( الفرنسي إرنست رينان).

*فاللغة بها جاءت شريعتنا فإذا بطلت اللغة بطلت الشرعية والأحكام، والإعراب أيضا به تنصلح المعاني وتفهم .. فإذا بطل الإعراب بطلت المعاني، وإذا بطلت المعاني بطل الشرع أيضا وما يبدو عليه أمر المعاملات كلها من المخاطبات والأقوال (الفقيه أبو حيان التوحيدي)

*تعلموا العربية، فإنها تثبت العقل، وتزيد في المروءة ( الشاعر أحمد شوقي).

*إن للعربية لينًا ومرونةً يمكنانها من التكيف وفقًا لمقتضيات العصر ( وليم ورك).

*وإنّما يعرف فضل القرآن مَنْ عرف كلام العرب، فعرف علم اللغة وعلم العربية، وعلم البيان، ونظر في أشعار العرب وخطبها ومقاولاتها في مواطن افتخارها، ورسائلها ( الفقيه ابن القيم الجوزية).

*اللغة العربية هي التي أدخلت في الغرب طريقة التعبير العلمي، والعربية من أنقى اللغات، فقد تفردت في طرق التعبير العلمي والفني ( لويس ماسينيون).

*إنما القرآن جنسية لغوية تجمع أطراف النسبة إلى العربية، فلا يزال أهله مستعربين به، متميزين بهذه الجنسية حقيقةً أو حكماً ( مصطفى صادق الرافعي).

كانت هذه بعض مما قيل عن اللغة العربية، تلك اللغة التي ينطق بها العديد من الدول العربية والإسلامية، ويتعلمها ويحبها الكثير من غير العرب والمسلمين وإحدى لغات الأمم المتحدة الهامة، ولغة الأدب والشعر والجمال والبهاء، وقد افادت منها مختلف اللغات العالمية .

ولا ننسى عناية المملكة العربية السعودية العناية الخاصة باللغة العربية لمكانتها الدينية والجغرافية والتاريخية محلياً ودولياً، وقد جاءت الرؤية الوطنية ( ٢٠٣٠ ) لتؤكد على الاهتمام بها لتعزيز الهوية العربية والإسلامية، وإظهارها بالشكل الذي يليق بمكانة اللغة بين لغات العالم.

واحتفت المملكة باللغة العربية في العام الماضي في «اليونسكو» بالتعاون مع البعثة الدائمة للمملكة العربية السعودية لدى اليونسكو ومؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية، تحت عنوان «اللغة العربية والذكاء الاصطناعي»، ويأتي هذا الاحتفال مع العقد الدولي للتقارب بين الثقافات (٢٠١٣_ ٢٠٢٢) الذي تتولى اليونسكو ريادته من بين وكالات الأمم المتحدة.
وتعتبر المملكة البلد الأول الداعم لاستعمال اللغة العربية في لجان اليونسكو».

ومن أحدث اهتمامات المملكة العربية السعودية باللغة العربية متمثلة بقائدنا الملك سلمان بن عبد العزيز _حفظة الله ورعاه _وولي عهده الامين الأمير محمد بن سلمان_ حفظه الله ورعاه_ وسسد خطاهم ، بإنشاء (مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية) لخدمة الثقافة العربية وحرصه على اللغة العربية ودعمه لكل الجهود المبذولة في سبيل صوْنها والمحافظة عليها”، موضحاً أنه سيكون مجمعاً عالمياً لخدمة اللغة العربية ودعم تطبيقاتها اللغوية الحديثة، ما يؤكد ريادة المملكة العربية السعودية في خدمة لغة القرآن الكريم ( اللغة العربية ) الخالدة .

ولا ننسى اهمية اهتمام الأفراد والمؤسسات في إبراز ومواكبة هذا الحدث الدولي المهم؛ فالحاجة اليوم تتعاظم ليتشارك الجميع ويقوم كلاً بدوره حتى تصبح اللغة العربية مصدر إثراء للمكتبة العالمية بكل ما تحمله من كنوز معرفية وحضارية شاملة.

ومن هذا المنطلق نجد أن جهود الجامعات السعودية في خدمة اللغة العربية بارز ومهم، معتمدين على التقنية الحديثة المتطورة التي أصبحت أكثر فعالية وفي متناول الجميع، مستحدثين برامج نوعية تبنتها المؤسسات الأكاديمية في مجال خدمة اللغة العربية، إضافة إلى توسيع وتدعيم ونشر برامج وفعاليات ومؤتمرات تبحث في مختلف فنون ومجالات اللغة وآدابها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى