مؤسسة التراث.. والشارقة

في أحد اجتماعات المجلس الوزاري العربي للسياحة الذي عقد في الشارقة قبل سنوات دار نقاش بين صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز الرئيس السابق للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة، حول معرض ” صدى القوافل.. مراكز حضارية من المملكة العربية السعودية خلال فترة ما قبل الإسلام “، والفخر بإحياء التراث، وتمنى زيارة المملكة، ووصفه للأمير سلطان بن سلمان بأنه صاحب علم ومعرفة، مضيفاً سمو حاكم الشارقة: ” وأنا كشخص باحث في تاريخ المنطقة قديماً، في هذه اللحظات الدقيقة، كنت قد استفدت الكثير منه “.
عبارات وجمل تختصر رؤية حاكم وشخصية عالمية يعرف الوفاء والعرفان لأصحاب الجهود.
ومنذ تأسيس مؤسسة التراث غير الربحية، أنجزت الكثير من الكتب والأبحاث والصور، حتى أصبح من الطبيعي أن يكون في كل بيت يهتم بالتاريخ إصدار لها، لم تجيء هذه الحالة بالمصادفة، بل عبر تخطيط طويل المدى لما يقارب أكثر من 29 عاماً لمواطن قبل أن يكون أميراً، آمن بأن المعرفة أمانة، وأن كل مواطن عليه أن يتعرف على هذه الدولة الشامخة التي أعطت هذه الوحدة، والتي جعلت المجتمع يرفل بالأمن والأمان والثراء.
ولأنه لا يفصل بين الإنسان وتاريخ وطنه، حمل ” سلطان بن سلمان ” علمه في التراث والتاريخ الوطني، فعرف الانتماء كما يعرف الأرض، أطلقت مؤسسة التراث غير الربحية؛ كتباً غنية بالتاريخ، وأبحاثاً من سلالات التميز، وصوراً تاريخية مؤرشفة متكاملة ملأت أرفف المكتبات. المؤسسة ليست مشروعاً ثقافياً فقط، بل عودة إلى الفطرة، أن يفخر الإنسان بالموطن الذي ولد ونشأ وتربى فيه وأكل من خيراته واستظل بأفيائه.
ولأن الأحداث إذا تم سردها بشكل ماضي تعطّلت الفائدة، كان ” سلطان ” لها سنداً، عبر الاهتمام بتفسيرها، حيث أخذتنا المؤسسة بأسلوبها الإبداعي إلى الزمن التاريخي الذي تكتب عنه.
في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025 الذي اختتم قبل أيام، كان هناك لمؤسسة التراث الغير ربحية، التي أسسها سمو الأمير سلطان، هدف رفيع، ووسام شرف تتوشح به المؤسسة، وتمضي نحو مستقبل يليق بتحقيق الحماية والمعرفة والوعي والاهتمام والتأهيل والتنمية بمكونات التراث والتاريخ الوطني، عبر جناحها الذي تعرض فيها منجزاتها وإصداراتها النوعية وغير المسبوقة.
بالأمس أعطانا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رأياً في الأمير سلطان بن سلمان، واليوم، الأمير سلطان بن سلمان في الشارقة للتأكيد على ذلك الرأي: ففي كل مشاركة لمؤسسة التراث غير الربحية: نحن نقرأ تاريخنا ونتعرف على تراثنا، إذاً، نحن في وضعنا الطبيعي، مشاعرنا تعتز وتفتخر، ومؤسستنا مبادراتها لم تنثني، وإصداراتها لم تعجز ولم تنقطع، وما أصابها ضعف أو تأجيل.
أثناء لقاء في وقت سابق جمع الأمير سلطان، مستشار خادم الحرمين الشريفين، بشباب الوطن في إحدى المناسبات، صدح بقوله: ” شبابنا يجب أن يكون لديه المعرفة العميقة بوطنه، ونهضته، وتاريخه، وأن هذا الوطن قام نتيجة أعظم وحدة تاريخية في العصر الحديث، ولا بد أن يعرف جيل اليوم وجيل المستقبل كيف نشأ هذا الوطن وكيف قامت حضارته وما هو تاريخه “، بهذه العبارة اختصر الأمير سلطان فلسفته في المؤسسة: ” وطن يزهو بتراث يزدهر “.
أليس هو القائل: ” رجل القراءة الأول، والد الجميع، الملك سلمان بن عبد العزيز “؟ وجميعنا يعلم أن الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ أيده الله ـ، تعلّم الأمير سلطان القراءة منه، وحب التاريخ والوطن، وحب الكتابة والتوثيق، وهذا كان بذرة انطلاق مؤسسة التراث الغير ربحية، التي وصلت إلى مخرجات تثلج الصدور، بعمل مخلص، وجهد مقدر.
إنه سلطان الأمين؛ الأمير الذي جعل من كلمة ” التراث والتاريخ ” محوراً لنشاطه، بأوراق وأحبار مؤسسة التراث ترعى عقولنا، وبزرعها تحمي تاريخنا، وبقلمها تنتشي أرواحنا، لهذا حين يُذكَر اسم المؤسسة في ” الشارقة “، يردد الزائرون لجناحها في معرض الكتاب:
” هذا ما عبّر به حاكم الشارقة، وهذا فعل سلطان بن سلمان في مؤسسة التراث؛ لتعمل ولتعلو ولتدوم “.
اللهم اجعل هذه المؤسسة عامرة بالنشاط والحيوية والتأثير.. كما أحبّها، وكما أراد سلطان لها.
محمد بن عبدالله آل شملان




