المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

الزواج سبب في الغنى

بقلم:د. سالم عبدالله أبو مخدة أستاذ الفقه المقارن المشارك

في ظل الظروف الصعبة التي يحياها شباب الأمة من قلة اليد مع الرغبة الملحة لإحصان النفس بالزواج، وكبح جماح النوازع النفسية التي تعصف بها، ومع التكاليف الباهضة للزواج مع ما يرافقها من مغالاة في المهور وترف وبذح الناس في طلب الكماليات في التجهيز للفرح، وسعي الناس وطلبهم للشاب صاحب المال مع قلة اليد.

فإننا نقول لأهل العروس وبشكل لاريب فيه ولا شك: إن الله تعالى قد وعد في كتابه العزيز بإغناء من سلك طريق الزواج وقصد إعفاف نفسه، وذلك لقوله تعالى: )وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ( {النور:32}، وقد جاء عن النبي (r): (ثلاثة كلهم حق على الله عونه: المجاهد في سبيل الله، والناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء) رواه ابن ماجة.

وقد فهم الصحابة الكرام هذه المعاني، فقال أبو بكر الصديق(t): “أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى”، وعن عمر وابن عباس وابن مسعود (رضي الله عنهم) قالوا: “التمسوا الرزق بالنكاح”، وقال عمر(t): “عجبي عمن لا يطلب الغنى في النكاح”.

وبالرغم من ذلك قد يقول قائل نرى كثيراً من الفقراء يتزوجون ولا يغتنون بل ويستمر فقرهم، ونرى من كان غنياً فتزوج وأصبح فقيراً، فإننا نقول وبالله التوفيق:

إن وعد الله تعالى بالإغناء مشروط بالمشيئة وهذا واضح من قوله تعالى: )فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ(، وهذا فيه دلالة على أن الله تعالى يعلم مصلحة عباده فيبسط لمن يشاء ويقدر لمن يشاء حسب الحكمة والمصلحة، وهذا واضح من حديث النبي(r) : ( إن عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته يفسد حاله ….).

الحكمة من الربط بين الغنى والنكاح؛ لأنه يُخيل لبعض الناس أن الأولاد سبب للفقر وعدمهم سبب للغنى، فأراد الله تعالى أن يقلع من أفهام هؤلاء ما يتخيلون من أوهام بأن الله تعالى قادر على إغناء العبد مع كثرة عياله، وإفقاره ولو كان عزياً في داره، ولا أثر للزواج في الفقر، ولا العزوبة في الغنى، فالله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين.

لا يلزم أن يكون هذا الوعد على الدوام؛ بل لو كان في لحظة واحدة لصدق الوعد.

المراد بالغنى غنى النفس، (ليس الغنى من كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس).

وقد يكون المراد من الآية: إن يكونوا فقراء إلى النكاح فيغنيهم الله بالحلال فيتعففوا عن الزنى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى