المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

العراق بعد العام (٢٠٠٣م) من الحركية .. إلى الحراك

 

• بقلم: إياد الإمارة

سأحاول في هذا المقال قدر استطاعتي وقدر ما تسمح به محددات الكلام الوقوف عند مفصل زمني عراقي مهم يشهد تحولا تاريخيا قد يرسم معالم مشهد سياسي وحكومي جديد من الممكن أن يكون مختلفا عن المشهد السياسي والحكومي الحالي أو الذي سبقه، وقبل ذلك لا بد من تقرير بعض الحقائق ولو على شكل تساؤلات أتمنى الوقوف عندها بعد قراءة المقال مدة أطول.

السؤال الأول هو، هل نحن أمام أحزاب وحركات سياسية تُدرج ضمن قوائم التحرك وفق المعايير الصحيحة للتنظيم والعمل السياسي المهني؟
ذلك في مرحلتي المواجهة مع النظام الحاكم في العراق قبل العام (٢٠٠٣م) أو بعد استلام الحكم والتحول من أحزاب وحركات “مقاومة” -هذا اذا تسامحنا في إطلاق هذه التسمية- إلى أحزاب وحركات “حاكمة” ..

أما السؤال الثاني -وهو الأهم- خاص بالحراك واقصده هنا الحراك الجماهيري الذي يجب أن يكون موجودا نتيجة التردي المفجع في كافة مفاصل الحياة العراقية بلا استثناء؟
هل هو موجود فعلا، وهل هو حراك حقيقية بنوايا وطنية؟
وبأي مستوى، هل يتناسب هذا الحراك مع حجم الكارثة التي نعيشها في العراق ام لا؟
لتكن البداية من حيث انتهى له السادة في الحركات السياسية، والكلام للسيد نوري المالكي في بيانه الصادر بتاريخ ١٠ تموز الموجه إلى أعضاء حزب الدعوة المؤتمرين في مدينة كربلاء المقدسة لرسم مسار الحزب خلال المرحلة القادمة، يقول المالكي في أهم جزء من البيان:
“لا أعتقد أننا نختلف في أن البداية ينبغي أن تكون من الجانب النفسي والسلوكي والاخلاقي، أي من نقطة تصفير أزمات الذات، وشحن النفس بطاقة الصفاء والسلامة وحسن الظن، والتحلي بصفات الرحمة و التسامح والتواد، ونبذ مظاهر التلاوم و التشكيك في النوايا. وأقولها دون مواربة، بأنّ عدم تجاوز الأزمة النفسية والأخلاقية والإيمانية، يجعل الحديث عن مشاريع الوحدة و إعادة البناء والمأسسة والتجديد والإصلاح، دون جدوى حقيقية.”
لقد وضع السيد المالكي يده على الجرح -بغض النظر عن النوايا- وكان غاية في الدقة والواقعية التي لا تعني “حزب الدعوة الإسلامية” من الداخل فقط، وإنما هو الخلل الحقيقي في المسار السياسي العراقي العام منذ (٢٠٠٣م) وإلى يومنا هذا ليس في داخل منظومة العمل السياسي الإسلامي فقط بل تشمل كل منظومة العمل السياسي العراقي بكل توجهاته، بل لعلني استطيع القول أن هذه الأزمة وهذا الخلل لم يكن من بنات أحداث ما بعد الإطاحة بنظام صدام، إذ تعود جذور الأزمة ذاتها إلى ما قبل هذا التاريخ بكثير بنفس العمومية والشمولية التي ذكرتها والتي لا تعني “الدعوة” فقط ولا تعني الإسلاميين من كل حدب وصوب فقط بل تشمل الجميع بلا استثناء حتى هؤلاء الذين تأسست كياناتهم مؤخرا وانخرطوا في العملية السياسية ونظامها الحكومي الحالي..
الأزمة الحركية العراقية منذ ما بعد تأسيسها وإلى الآن وستبقى إلى إن يشاء الله لا تخرج عن كونها (نفسية، سلوكية، اخلاقية) ليس من داخل هذه الحركات فحسب، بل في خارجها أيضا كما قلت وأُكرر، ولا يبدو مؤكدا أو حتى محتملا أن هذه الأزمة ستنتهي قريبا لذا فإن “الحديث عن مشاريع الوحدة وإعادة البناء والمأسسة والتجديد والإصلاح” -كما يقول السيد المالكي- في العراق من خلال هذه الحركية أمرا مستحيلا..
إذا كيف سيتحقق التجديد والإصلاح؟
لنتجه إلى الحراك الجماهيري الذي يكاد أن يكون موسميا مرتبطا مرة “بإرتفاع درجات الحرارة من كل نوع” وبتوجهات بعض القوى السياسية “الحركية” التي لها مآرب خاصة مرة أخرى، وبين هذا وذك فإن حراك الجماهير حتى اللحظة لم يكن بمستوى الطموح وهو غير قادر على تحقيق مطالب الناس بالتجديد والإصلاح ومستوى مناسب من الخدمات الضرورية..
-حجم الحراك دون المستوى المطلوب..
– غير منظم..
– لا توجد رؤية موحدة..
– لا توجد قيادات حراكية حقيقية يمكن أن تحظى بثقة الجميع أو الاغلبية..
– وجود اختراقات حادة في مفاصل مهمة من الحراك..
ثغرات كبيرة جدا يجب العمل على معالجتها بدقة وموضوعية تمكن للحراك من القيام بدوره الوطني وتجعل منه رقيبا قويا لأي خلل من المتوقع حدوثه في مستقبل العملية السياسية التي يجب إعادة هيكلتها من جديد على أسس وطنية عراقية خالصة تأتي أُكلها للعراقيين وليس لجهات أخرى خارج الخارطة العراقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى