المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويتأخبار مثبتة

الغانم: عندما تكون المنطقة تغلي على نار مصيرها يُصبح العبث السياسي… أمراً يُلامس تدمير الوطن

المصدر :الرأي

أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أنه «عندما تكون المنطقة تغلي على نار مصيرها ويكون لهيب الحرائق يكاد يلفح حدودنا، يصبح ضمان الوحدة الوطنية أول غايات الدستور ووظائفه، ويصبح العبث السياسي والترف الجدلي والتكسب على حساب الكويت ومصالحها ومستقبلها أمراً يلامس تدمير الوطن أو يكاد»، مشدداً على أن «كل مياه البحر لا يمكن أن تغرق سفينة لا يتسرّب الماء إلى داخلها».
وعلى الرغم من إشادته باستجابة الحكومة لما ذكره في كلمته الافتتاحية بدور الانعقاد السابق في شأن وجوب تعيين ناطق رسمي للحكومة، انتقد الغانم واقع أن «الناطق لا ينطق إلا نادراً»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «هذه ليست مسؤوليته بل مسؤولية الحكومة بتزويده بما يجب أن يقول».
وفي كلمته أمام مجلس الأمة في مستهل دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الـ15 الذي افتتحه سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، أمس، توجه الغانم إلى صاحب السمو الذي «شهد له العالم أجمع بأنه الأمير الإنسان»، بالقول إنه «كان من الطبيعي أن توجل القلوب وتضيق الصدور وتحتبس الأنفاس لما أعلن عن وعكتكم الصحية وفحوصاتكم الطبية فتوجهت القلوب إلى الله بالرجاء ولهجت الألسن بالدعاء، بأن يحفظك للكويت ويبقيك ذخراً لأهلها ويردك سالماً معافى، في مشهد تجلى فيه الوفاء بجميل حلته وسطع فيه الاحترام في جليل هيبته».
وأكد ضرورة أن تفعّل المؤسسة التشريعية أداءها ليرقى إلى مستوى الثقة الشعبية التي فوضتها، من خلال أداء تشريعي محترف وواقعي وممكن التطبيق، داعياً الحكومة أن تبرهن بشكل عملي للمجلس وللشعب، وبشكل متضامن وموحد ومتسق، مضيها قدماً في تنفيذ برنامج عمل محدد وواضح، يستهدف كل مواضع الخلل والعوار أينما كانت في وزارات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها.
وإذ لفت إلى وجود استحقاقات وقضايا مزمنة طال انتظار حلها، وتحتاج إلى رجال دولة يتصدون لها ويعيرونها الاهتمام والانتباه الكافيين، أكد الغانم أنه «لم يعد مقبولاً لدى الكويتيين ولا مستساغاً أن نواصل لعبة إلقاء الكرة في ملعب الآخر»، مشيراً إلى أن على المجلس والحكومة أن يتحمّلا مسؤوليتهما، ويتعاونا بندية سياسية متساوية لا غالب فيها ولا مغلوب، «ننجح فيغلب الشعب أو نفشل فيُغلب الشعب على أمره».
وفي ما يلي نص كلمة رئيس مجلس الأمة:
«حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظكم الله ورعاكم
سمو ولي العهد رعاكم الله
سمو رئيس مجلس الوزراء وفقكم الله
الزملاء الأفاضل
الضيوف الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
جاء في التنزيل الحكيم بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
بسم الله الرحمن الرحيم
{الذي خلقني فهو يهدين. والذي هو يطعمني ويسقين. وإذا مرضت فهو يشفين}
(الشعراء: 78-80 ) صدق الله العظيم

إشراقة الكويت
عندما يتسع قلب المرء لكل الناس وتحل في سويدائه جميع الأجناس، فإنه يمرض لمرضه خلق كثير ويشعر بألمه الصغير والكبير. فكيف إذا كان هذا القلب الكبير لقائد حريص على راحة شعبه وتحقيق سعادته ووالد لا يفتأ يعمل لمصلحة وطنه وتأمين مستقبله؟
كيف إذا كان هذا القلب الكبير لزعيم يسعى بالخير في كل مكان فشهد له العالم أجمع بأنه هو الأمير الإنسان؟
كيف إذا كان من اتسع قلبه لكل الناس يسكن أصلاً قلوب كل الناس حباً واحتراماً وولاء وتوقيراً وإجلالاً ووفاء؟
كان من الطبيعي – إذاً – يا صاحب السمو أن توجل القلوب وتضيق الصدور وتحتبس الأنفاس لما أعلن عن وعكتكم الصحية وفحوصاتكم الطبية، فتوجهت القلوب إلى الله بالرجاء ولهجت الألسن بالدعاء بأن يحفظك للكويت ويبقيك ذخراً لأهلها ويردك سالماً معافى في مشهد تجلى فيه الوفاء بجميل حلته وسطع فيه الاحترام في جليل هيبته.
حتى إذا جاء البشير بالنبأ السعيد وزفّ إلينا بشرى عودتكم إلى وطنكم المجيد، عادت إلى الكويت إشراقتها وإلى النفوس بهجتها وإلى القلوب أمنها واطمئنانها، فإذا بقلق العيون يعود تألقاً وإذا بالدعاء حمداً متدفقاً وإذا بالوفاء اللهوف فرح شغوف يصدح بالعرضة واليامال بكل أصالة وجمال.
يا صاحب السمو: أدام الله عزك وأعلى ذِكرك وشد أزرك ومتعك بموفور الصحة وتمام العافية، وأبقاك ذخراً للكويت وأهلها وللأمة جمعاء.
وحفظ الله عضيدك ويدك اليمنى سمو ولي العهد الأمين – رعاه الله.

الحِكمة والنضج
الأخوات والإخوة الحضور…
في كل عام عندما نفتح باب الحديث عن الأوضاع المحيطة بنا وخطورتها واستثنائيتها واحتمالاتها الكارثية، نتحدث وكأننا في الفصل الأخير منها، الفصل الذي تتشابك فيه كل خيوط العقدة تمهيداً لحل ونهاية ما فإذا بنا أمام فصل درامي آخر وقصص وتطورات لا تنتهي، ومشهد لا نعرف فيه من يقف مع من؟ ومن يقف ضد من؟ وما هو شكل الاصطفاف السياسي والتشكل الاستراتيجي؟
وإزاء تطورات من هذا النوع فأنت أمام خيارين: إما أن تنفعل فتكون جزءاً من المشكلة أو أن تحاول جاهداً مراقبة الأمر عن قرب، منتبهاً ويقظاً مراقباً وحذراً مستعداً للتدخل لمنع تفاقم الأشياء إذا لزم الأمر، وتساهم في عقلنة هذا العبث السياسي وتخفيف حدته ولو إلى حين…. كان هذا خيار الكويت وعلى رأسها سمو الأمير وهو خيار يحظى بدعم كل الكويتيين، خيار التروي والعقل والحكمة والنضج، خيار أن تكون قريباً من كل الأطراف منفتحاً على الجميع وسيطاً نزيهاً وحكماً عادلاً، فعندما تكون المنطقة تغلي على نار مصيرها ويكون لهيب الحرائق يكاد يلفح حدودنا، يصبح ضمان الوحدة الوطنية أول غايات الدستور ووظائفه ويصبح العبث السياسي والترف الجدلي والتكسب على حساب الكويت ومصالحها ومستقبلها أمراً يلامس تدمير الوطن أو يكاد.
فحروب الداخل لا تبقي ولا تذر، ومن يسقط داخلياً قد لا ينهض مجدداً وكل مياه البحر لا يمكن أن تغرق سفينة لا يتسرّب الماء إلى داخلها.
فقبل أيام فقط خاطبنا سمو الأمير بشكل مباشر وواضح قائلاً «لنتعظ مما يحدث حولنا»، وهي دعوة لليقظة والحذر وفي ذات الوقت دعوة إلى تثمين ما نعيشه من نعمة الأمن والأمان وشكر الله عليها.

لا لليأس
أخواتي إخواني…
منذ سنوات ونحن نشهد محاولات منظمة ومحمومة لإشاعة ثقافة التذمر والشكوى والمبالغة في تضخيم الأمور الفردية وتصويرها على أنها ظواهر مستفحلة وأمراض مستعصية لا حل لها.
إن تلك الثقافة للأسف تحاول تصوير الكويت على أنها عاصمة الفساد العالمي ومرتع الفوضى، وأن كل الكويتيين ضالعون في الفساد، وهذه الثقافة يتم الترويج لها بشكل منظم ومخطط له عبر وسائل مختلفة هدفها وديدنها اليومي وصم الكويت بأنها فاسدة، وهي في محاولاتها المشبوهة تلك لا تدخر أعراض الناس وذممهم وسمعتهم وشرفهم ونقول لهم بملء الفم إن محاولاتكم بث روح اليأس في أبناء الكويت لن تنجح، فالكويتي لن يكفر بكويته والوطني لن يتخلى عن وطنه والإصلاحي لن ينفك عن إصلاحه والحالمون بوطن جميل مستقر ووادع لن يتخلوا عن حلمهم، فحرية التعبير لا تعني الافتراء والنقد لا يعني الطعن والكلمة الصادقة الهادفة هي بوح النفس ونوحها، والكلمة القبيحة المفترية هي تقرح في فكر صاحبها وصديد في قلمه، ونحن أهل الكويت لن نسكت أبداً عن الباطل كي لا يظن أهل الباطل أنهم على حق.
ولكن علينا في ذات الوقت ألا نتجاهل الشكاوى الحقيقية للكثير من أهل الكويت… الكويتيون المخلصون المنتجون الحريصون على بلدهم.

تحمل المسؤولية
إن واجبنا كمجلس وحكومة ونخب ومجتمع مدني أن ننظر بقلق وجدية إلى ملاحظات وانتقادات شعبنا، وهي ملاحظات حقيقية تتعلق بسوء الخدمات وبطء التنمية وغيرها.
وإزاء تلك الملاحظات علينا واجبات واستحقاقات، وأولى الاستحقاقات هي أن نعترف بوجود المشكلة لا نفيها وتجاهلها، وثاني الاستحقاقات أن ندخل في سياسة الحل لا تسييسه، إذ لم يعد مقبولاً لدى الكويتيين ولا مستساغاً أن نواصل لعبة إلقاء الكرة في ملعب الآخر.
إن اتهام المجلس للحكومة بالتقصير أو اتهام الحكومة للمجلس بالتأزيم، والانشغال بهذه الثنائية لن يقدم للشعب حلاً، وعلى الطرفين أن يتحملا مسؤوليتهما، الحكومة تخطيطاً وتنفيذاً ومتابعة، والمجلس تشريعاً ورقابة، وما بين هاتين المهمتين صيغة تعاون مُثلى كما رسمها الدستور، التعاون بوصفه شراكة سياسية متكافئة، التعاون بوصفه ندية سياسية متساوية لا غالب فيها ولا مغلوب، ننجح فيغلب الشعب أو نفشل فيغلب الشعب على أمره.

أداء محترف
الإخوة والأخوات….
إن على المؤسسة التشريعية أن تفعّل أداءها ليرقى إلى مستوى الثقة الشعبية التي فوضتها، وتفعيل هذا الأمر يتجسد في عنصر محدد ومهم يتمثل في أداء تشريعي محترف وواقعي وممكن التطبيق يستهدف جوانب النقص في منظومتنا التشريعية إزاء الكثير من القضايا التي تحتاج إلى تدخل تشريعي، أما في ما يتعلق بالجانب الرقابي فإن حسن استخدام الرخص والأدوات الرقابية الدستورية أمر في غاية الأهمية بحيث تتحول الأداة الرقابية إلى أداة إصلاح وتصويب وتقويم وتنبيه، بدلاً من أن تكون وسيلة ابتزاز وضغط ومقايضة.

حل ملف «البدون»
إن أمام المجلس في عامه الرابع استحقاقات وقضايا مزمنة طال انتظار حلها، وهذه القضايا تحتاج إلى رجال دولة يتصدون لها ويعيرونها الاهتمام والانتباه الكافيين.
ومن ضمن تلك القضايا والملفات المهمة، ملف الحفاظ على الهوية الكويتية وكشف حالات التزوير في الجنسية والمزورين إضافة الى ملف المقيمين بصورة غير قانونية أو ما يطلق عليه مشكلة «البدون»، وهي معضلة ورثناها ولم نكن سببا بها إلا أن قدرنا أن نتصدى لها بحل حاسم وحازم بعيداً عن كل ما يقال من تكهنات… حل يحافظ على حقوق الشعب الكويتي وهويته وتركيبته ويُراعي الجوانب الإنسانية لهذه الفئة ويرفض التعميم أو الأحكام المسبقة على حالات مختلفة في ظروفها وأزمنتها واستحقاقاتها.
ويسرني أن أطمئنكم يا صاحب السمو بأني ومجموعة من الزملاء قد انتهينا من صياغة الحل المنشود بقالبه التشريعي الواضح والموائم.
وما دمتُ الآن في سياق الحديث عن مجلس الأمة لا يفوتني هنا التعبير عن الامتنان والشكر لحضرة صاحب السمو أمير البلاد على قيامه مرات عديدة بتكليف مجلس الأمة ورئاسته، بملفات عدة داخليا وخارجيا بالتنسيق مع الإخوة في السلطة التنفيذية وهو ما يعكس إيمان سموكم بالمؤسسات الدستورية وتعاضدها وثقة سموكم بمجلس الأمة، تفعيلاً للتعاون المذكور في المادة 50 من الدستور، وتجسيداً عميقاً وصحياً لفلسفة وروح ونصوص دستور قمتم أنتم مع إخوانكم من المؤسسين بوضعه وتدشينه قبل أكثر من 57 عاماً.

تضامن الحكومة
الأخوات والإخوة….
في مقابل المسؤوليات الجسام الملقاة على مجلس الأمة، علينا في ذات الوقت أن نتوجه بحديثنا إلى السلطة التنفيذية بكل شفافية ووضوح، إن على الحكومة أن تبرهن بشكل عملي للمجلس وللشعب وبشكل متضامن وموحد ومتسق مضيها قدماً في تنفيذ برنامج عمل محدد وواضح، يستهدف كل مواضع الخلل والعوار أينما كانت في وزارات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها.
إن الحكومة وفقا للنص للدستوري هي المهيمنة على مصالح الدولة وهي التي تنفذ وتتابع عناصر برنامجها، وأمر طبيعي في حالة التقصير أن يرتفع منسوب عدم الرضا الشعبي إزاء أدائها، وذلك ما يتم استثماره واستغلاله من قبل أطراف تتمنى ذلك لتحقيق أهداف وأجندات خطيرة، فالشعب ينتظر دائماً مزيداً من الإنجاز ومزيداً من العمل على المستوى السياسي والمالي والإداري والخدمي… وإن كنت أثمن وأقدر استجابة الحكومة لما ذكرته في كلمتي الافتتاحية في دور الانعقاد السابق عن وجوب تعيين ناطق رسمي للحكومة، وفعلاً تم تعيينه، إلا أن الناطق لا ينطق إلا نادراً، وهذه ليست مسؤوليته بل مسؤولية الحكومة بتزويده بما يجب أن يقول، علماً أن الحكومة ليست مسؤولة فقط عما تقول بل هي مسؤولة أيضاً عن الرد على ما يقال… وحتى أكون منصفاً ولا أكتفي بالنقد السابق ولا أبالغ في جلد الذات أود أن أشكر الحكومة على بعض الإنجازات أخيراً ومنها حسب تقرير مجموعة البنك الدولي الأخير وجود الكويت لأول مرة ضمن الدول العشر الأكثر تحسناً في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، وكذلك تقرير التنافسية الدولية الصادر في أكتوبر الحالي وجاء فيه تقدم الكويت في العديد من المؤشرات منها ركائز الصحة والنظام المالي وتكنولوجيا المعلومات واستقرار الاقتصاد المالي، وهذا ما يعضد أملي الصادق في قدرة سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر على العمل حثيثاً من أجل تحقيق النقلة النوعية المرجوة، وتفعيل الأداء الحكومي بما يتناسب مع التحديات الماثلة، ومحاسبة الوزراء المقصرين قبل أن يحاسبهم الشعب ممثلاً بنوابه، وبالمقابل تشجيع الوزراء المنتجين وحمايتهم ممن يحاول أن يحبط جهودهم.
ختاماً… أجدد الترحيب بكم يا صاحب السمو الأمير وسمو ولي عهدكم الأمين، وأهنئكما بشعب محب ولا أوفى، كما أهنئ الشعب بوالد أندى من الغيث وقائد ولا أكفى، سائلاً المولى عز وجل أن يبقيكما ذخراً للبلاد والعباد، وأن يوفقكما لما يحب ويرضى وشهادتكم يا صاحب السمو وسام على صدري وصدر مجلس الأمة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى