المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

تصحيح النظرة عن مواسم الطاعات

الكاتبة: إلهام الشهراني

 

فضل الله أمة الإسلام عن سائر الأمم وجعلها آخر الأمم، ورسولها خاتم الأنبياء، وكتابها القرآن لقوله تعالى: (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجآ) الكهف آية (1)، وجعل آياته شفاء للعالمين، وهداية للمتقين. وأكرمها الله: فكانت: أمة كالغيث في أولها وآخرها خير، ومن ضمن الخصائص العظيمة مواسم الطاعات لغسل وتنقية النفوس من المعاصي بدموع الندم والذل والانكسار والحسرة على ما فات وتزكية الأنفس من الشهوات والمنكرات ومضاعفة الأجر والثواب والشعور بلذة الإيمان والروحانية على مدار العام، فباب التوبة الصادقة مفتوح حتى تشرق الشمس من مغربها. ومن حكمة الله في أقداره على العباد يحب التوابين والمتطهرين ويفرح بتوبة العباد أعظم من فرح فرد مسلم فقد راحلته في أرض قاحلة، وقد يأس منها وفيها طعامه وشرابه وعندما أقترب من الهلاك يجدها ومن كمال النضوج الإيماني المسارعة بالتوبة في الدنيا قبل الممات والعمل على محو الذنوب من الصحائف لقوله تعالى: (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا) الكهف آية (49)
ومن مواسم الطاعات شهر يعود علينا كل عام، وفيه فريضة الصيام، وشعيرة القيام، إنه شهر رمضان الفضيل، وفيه قيام ليلة القدر، وتضاعف فيه أجور أعمال الخير كالعمرة، والصدقات وقراءة القرآن، وجميعها تكفر الذنوب التي لم تخالطها ذنوب كبرى. ولذلك تنقسم الذنوب إلى صغائر وكبائر حسب الاستدلال الشرعي من القرآن والسنة وإجماع السلف الصالح،
الذنوب الكبرى تعريفها:
“كل ذنب مقترن بوعيد أو غضب ولعنة من الله أو مصير بنار جهنم”
الذنوب الكبرى في الشرع لا تغفر بمواسم الطاعات، بل يوجب التوبة منها بشروط، ألا وهي: الندم عما سلف والإقلاع عن المعصية والعزم على عدم الإتيان بها في المستقبل برغبة صادقة من القلب وعمل بالجوارح قال ابن عباس: كل ما توعد الله عليه بالنار كبيرة.

والسؤال: ما هي الذنوب الكبرى؟
الكبائر والفواحش والمنكرات وأهمها: الشرك بالله، والسحر، والزنا، وأكل مال اليتيم، والرشوة. وشهادة الزور حتى لو كلمات بالقلم على كذب يعتبر شهد زور وباطل فيقع عليه الحد الشرعي، أو ظلم لآخرين، لقوله تعالى: ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور)، الحج آية (30)وأكل أموال الناس بالباطل لقوله تعالى: (ويل للمطففين)،المطففين آية (1) فيها وعيد فيما يخص التجارة، والغش في التعاملات والعقود الوظيفية في قطاع الحكومي والقطاع الخاص، والمقاولات والبناء والمنافع الأخرى، وكل ما يجلب المال، والظلم والغيبة والنميمة والحقد والحسد، ومنع الزكاة، وقذف المحصنات، ونصرة الباطل على الحق، والربا بأنواعه.
إن كل ما سبق ذنوب كبرى لا تغفر بمواسم الطاعات أو الاستغفار أو الأذكار ما لم تصاحبها توبة نصوح وإرجاع الحقوق إلى أهلها، ومواسم الخيرات فرصة لتحفيز النفوس نحو التوبة. وطرق تكفير الذنوب الكبرى هي: في الدنيا التوبة وطلب المسامحة ممن لهم حقوق بمظلمة أو بهتان أو غيبة ونميمة في المجالس، وفي الأموال إرجاع الحقوق المالية لأهلها والتراجع عن شهادة الزور عند من شهد عليهم بالبهتان.
ولابد أن يصحح المسلم ما استطاع، لان التوبة لله بالندم والإقلاع والعمل يختص بالعباد في ترجيع الحقوق وطلب العفو منهم أما الذنوب الصغرى فهي ما نهى الله عنه ولم يرد فيه نص شرعي مقترن بوعيد، أو لعن أو بنار جهنم أو لحد من حدود الدنيا.
ومن أمثلة الذنوب الصغرى:
السب والشتم، وإيذاء الجار وإساءة التصرف معه، والنظرات المحرمة رجل لامرأة أو امرأة لرجل، والنظرة التي عليك أي نظرة المقصودة، والمصافحة بالأيادي، وإيذاء الحيوان.
مكفرات الذنوب الصغرى: قال عليه الصلاة والسلام
(الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر،) رواه مسلم والبلاء والمصائب والمرض وفقد عزيز على الفرد المسلم إذا احتسب وصبر فهذه يكفر الله سيئات صغائر الذنوب أما الذنوب الكبرى لا بد من التوبة والإقلاع.
رأي العلماء الأفاضل:
اجمع العلماء أن التوبة من الذنوب الكبرى فرض عين وواجب ديني بنية التصحيح ولا عودة ومن يصلي وهو يرتكب الكبائر فمحال تقبل صلاته أما ضفائر الذنوب ذكروا أن الإصرار والاستمرار عليها يعتبر بمنزلة الذنوب الكبرى.
وفي الختام:
على المسلم يعرف أنه بحاجة لخالقه بالتضرع، والتذلل إليه ذل المحبة وذل المعصية، ويرفع صوت الطاعة من قلبه وينزع ثوب الكبر الذي ليس له، ويلبس ثوب الانكسار لكي يصونه خالقه من شر الشياطين وأعوانهم من البشر فلا يضيق قلبه ولا يشغل تفكيره بالدنيا وزينتها والسعي على ارتكاب المعاصي والمسلم الحريص يتيقن أن مواسم الطاعات لتكفير صغائر الذنوب أما الذنوب الكبرى تكفيرها التوبة بشروطها. والعمل في الدنيا قبل يوم الحساب يجتمع عليه الخصوم فيفلس عند الميزان تذهب حسناته فيهبط عمله ويدخل النار.
قال أحد الصالحين:
الإيمان يكثر بالطاعات ويقل بالمعاصي فبقدر الشعور بالخوف من الخالق والمسارعة بالتوبة بالقول والعمل في الدنيا تتعرف على مقدار الإيمان بقلبك، أما إذا تساهل المسلم المعاصي بشتى أنواعها ويجد قلبه صاد عن قبول النصيحة ومحاربة الناصحين بالباطل والعدوان دليل ضعف الإيمان أو انعدامه وينطبق عليه ما يقال: من عاش على شيء مات عليه قد يحرم من التوبة وحسن الخاتمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى