المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

حيلة فرنسية للقضاء على نظرية المؤامرة

وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي. آي. إيه) اخترعت الفيروس المسبب للإيدز في ستينات القرن الماضي، من أجل شن حرب على كوبا، وفقاً لفيلم وثائقي فرنسي بدأ يتم تداوله عبر شبكة الإنترنت منذ ستة أشهر.
ويزعم القائمون على الفيلم، الذي مدته 42 دقيقة، أن الولايات المتحدة ترفع الحظر الذي استمر خمسين عاماً عن كوبا في خطوة عبثية من أجل فتح الباب أمام شركات الأدوية الأميركية للاستعانة بعلماء كوبيين من أجل تطوير لقاح لهذا المرض، ولكن هذه المزاعم كلها غير صحيحة.
حتى أن ليونيل بيروتين الذي يقف وراء الفيلم ليس سوى مجرد فبركة، والفيلم الوهمي كان من بنات أفكار مخرج الأفلام الوثائقية توماس هيوشون، وانطونيني روبين الذي شارك في إقامة موقع سبايسي SPICEE للفيديو الصحافي.

معلومات مغلوطة
وكان مشروع كمونسبي هانتر Consp1 – Hunier يهدف إلى إظهار مدى سهولة وسرعة نشر المعلومات المغلوطةk وذلك من منطلق المخاوف من ظهور نظريات المؤامرة غداة الهجوم على المجلة الفرنسية الساخرة شارلي ايبدو.
وقد ظهر هيوشوني في وسائل التواصل الاجتماعي بشخصية بيروتين وكسب متابعين يزيد عددهم على 500 شخص قبل أن ينشر البرنامج الوثائقي الوهمي.
وقد سجل الفيلم أكثر من 10 آلاف مشاهد على يوتيوبk فضلاً عن آلاف التفضيلات والمشاركات على فيسبوك وتويتر خلال ثلاثة أسابيع قبل كشف الحقيقة بشأن فيلم SPICEE.
وقد بث عدد من المدونات الفرنسية الفيلم الوهمي، ولا يزال الفيلم معروضاً على موقع يحظى بمليون زائر شهرياً.
وقد ظهرت قصة الفيلم الوثائقي المزوَّر في الثاني عشر من نوفمبر أي قبل يوم واحد من هجمات باريس الإرهابية.
وحتى إذا لم تخضع المؤامرات الغربية ضد كوبا التي تعزى إلى «سي آي إيه» لبحث حقيقي من قبل المؤرخين والصحافيين، فقد أصبح مشروع «كونسبي – هنتر» منذ ذلك الحين حديثاً للإعلام وانتقل إلى المدارس الثانوية في فرنسا لتشجيع الطلبة على التفكير النقدي حول ما يقرأونه على شبكة الإنترنت.

حرب معلوماتية
يقول هوشيون: «اليوم إذا كنت في الخامسة أو السادسة عشرة من عمرك، فإنك ستطرح الأسئلة، لكن ليست المشكلة في الأسئلة، بل في من يردون على هذه الأسئلة، فعلى مدى السنوات العشر الماضية، كان الناس الذين يتصدون للإجابة على التساؤلات مثل: «هل كان الهجوم على مجلة شارلي ايبدو مؤامرة؟ هم المؤمنين بنظرية المؤامرة، هذه هي المشكلة. وكصحافيين نقوم بإنتاج محتوى هذه الإجابات. لكن كيف تواجه أناساً لا يحترمون أي قواعد صحافية؟!».
ويضيف هوشيون: «لقد خسرنا المعركة من أجل الحقيقة. فعلى مدى عشر سنوات يكتب أصحاب نظرية المؤامرة على شبكة الإنترنت ويحتلون مساحة أكبر بكثير من حجمهم وذلك لأنهم أكثر توقاً لمشاركة أفكارهم مع الآخرين، فينشرون أكثر من غيرهم ولذلك يتصدرون المشهد، إنها حرب من أجل نوعية المعلومات، وهي الحرب التي نخسرها لأسباب وجيهة وأخرى غير وجيهة».

جنوح نحو التطرف
لقد عُرض مشروع «كونسبي – هنتر» خلال «اليوم الوطني الفرنسي لدراسة الرد على نظرية المؤامرة» الذي صادف التاسع من نوفمبر.
وقد شارك في اليوم الدراسي، الذي رعته وزيرة التعليم الفرنسية نجاة بلقاسم، 300 شخص ما بين أكاديمي وتربوي ومعلم، شاركوا في حوار حول أفضل السبل لمكافحة بث المعلومات الكاذبة على شبكة الإنترنت.
وجاءت هذه الفعالية في خضم القلق المتزايد في فرنسا حول التعاطي مع الجنوح نحو التطرف في المدارس، وذلك في أعقاب هجمات باريس.

توجيه قانوني
الجدل في بريطانيا يتركز حول قانون «الأمن ومكافحة الإرهاب» لعام 2015، الذي يضع واجبا على المدارس في المساعدة في الحيلولة دون «انسياق الطلبة نحو الإرهاب».
وأشارت وزارة التعليم إلى أن موقع «تقف الناس ضد الكراهية» يهدف لمساعدة المعلمين وأولياء الأمور على تشجيع «الشباب على التصدي لنظرته المؤامرة وبناء فهم أقوى لمخاطر الإرهاب».
وأوضح الناطق باسم وزارة التعليم البريطانية ذلك بالقول: «نريد أن يكون الشباب قادرين على الإفادة من الآفاق الواسعة للانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وما تضيفه هذه الوسائل لحياتهم وتعليمهم، لكننا نريد التأكد من أنهم على دراية بالمخاطر والأخطار، لهذا السبب، نقوم بتعزيز التوجيه القانوني بهذا الشأن، ومطالبة المدارس بأن تتأكد من أنها تعلم طلابها سُبل الحماية والسلامة على الانترنت، وأن تكون لديهم الفلاتر المناسبة وأنظمة الرقابة المطلوبة».
وأشار هوشيون إلى أن نظريات المؤامرة الناجحة تتضمن أربع ركائز رئيسية: شرير يمكن تصديقه، وضحية، ونظرية يمكن الاستناد عليها، وحيلة أو كشف معلومة.

موضوعات قابلة للانفجار
وأضاف: «لقد قررنا في البداية عدم اختيار نظرية عرقية أو دينية أو واحدة ضد الإسلام أو ضد السامية، فكل هذه الموضوعات قابلة للانفجار.
ومضى يقول «لا نريد ان نضيع المشروع من بين ايدينا، وربما كانت النقطة الأكبر هو ان نظل رواداً لهذه التجربة».
واذا كان بالامكان نشر قصة ساذجة عن الايدز او كوبا على شبكة الانترنت، فتخيل ما الذي يمكن ان يحدث لقصة ساذجة حول معاداة السامية او معاداة الاسلام؟ نحن نريد موضوعاً يباعدنا عن التيارات الرئيسية. نريد ان نستطيع تفسير كيف لقصة مزورة بالكامل ان يتم تناقلها دون تمحيص او فحص. لقد نظرنا الى الموضوع من كل جوانبه فوجدنا ان افضل سبيل لفهمه هو اختراقه.

دفاع ثقافي عن النفس
وعند تصميم مشروع كونسبي – هنتر، عمل هوشيون وفريق سبايسي spicee بنصيحة رودي ريشستاد مؤسس منظمة «كونسبيراسي ووتش» الفرنسية واستاذة علم الانسان دنيا بوزار وعالم النفس الاجتماعي جيرارد برونر واستاذة احدى المدارس الثانوية ومؤلفة «كتيب الدفاع الثقافي عن النفس» صوفي مازيت.
واليوم، يكافح هوشيون وسبايسي ضد نظرية المؤامرة واصحابها وهما عاقدان العزم على الاستمرار في هذه المعركة حتى النهاية. فهما يخططان متابعة مشروع كونسبي – هنتر من خلال رسم خريطة يتم فيها تتبع كيف تبرز نظريات المؤامرة من الاخبار التي تحتل صدارة عناوين الاخبار.
واعتبر هوشيون ان «لا خيار امامنا سوى الاجابة عن الاسئلة التي تواجهنا، حتى لو اعتقدنا انها اسئلة ساذجة، وعلينا الاجابة عن مثل هذه الاسئلة بذكاء وحرفية على أعلى مستوى، ونحن بحاجة الى تقصي الحقائق والتفكير النقدي طوال الوقت».

■ غارديان ■

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى