المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

درب زيادة الإيرادات غير النفطية… طويلة ووعرة!

تحاول الحكومة جاهدة زيادة الإيرادات غير النفطية دعماً للموازنة العامة في ظل تراجع أسعار النفط، بيد أن الطريق تبدو طويلة ووعرة، خصوصاً وأن محصلة الإيرادات غير النفطية لدى الجهات الحكومية المختلفة حتى الآن عبارة عن أرقام «بسيطة» لا تُقارن بحجم المصروفات (المليارية)، ما يعني أن حصيلتها النهائية تكاد تكون لا تذكر رغم الخطط المختلفة والرامية لتضخيمها.

وبحسب الأرقام الرسمية، فإن وزارة المالية استندت في زيادة إيراداتها على 3 محاور، تتمثل في بيع أملاك الدولة بالمزاد العلني، بالتزامن مع زيادة القيمة الإيجارية الخاصة بأملاك الدولة، فضلاً عن توقّع تحصيل رسوم على الأراضي الفضاء.

الأمر لم يختلف كثيراً بالنسبة لوزارة الصحة، والتي أثارت جدلاً واسعاً خلال العام المالي المنصرم، أوحى بزيادة إيراداتها بشكل قد يقلص أو يخفف حجم إنفاقها بصورة ملحوظة، إلا أن الزيادة في إيراداتها جاءت من رقم عشري بنحو 27.78 مليون دينار فقط، وهو الرقم الذي لا يضاهي اعتمادات نفقاتها المليارية التي ناهزت نحو ملياري دينار.

وكشفت وثائق رسمية حصلت عليها «الراي» أن الموازنة العامة للدولة عن العام المالي الحالي (2017 /‏2018) تضمنت اعتمادات مصروفات ونفقات مليارية في 6 جهات حكومية، تأتي على رأسها وزارة المالية (إدارة الحسابات العامة)، والتي سجلت نحو 5 مليارات دينار، تليها وزارة الكهرباء والماء في المرتبة الثانية بـ 2.62 مليار دينار.

وجاءت في المرتبة الثالثة وزارة الصحة بنحو ملياري دينار، وفي المرتبة الرابعة وزارة التربية بنحو 1.8 مليار دينار، وفي المرتبة الخامسة وزارة الدفاع بـ 1.7 مليار دينار، بينما حلّت بالمرتبة السادسة وزارة الداخلية بنحو 1.055 مليار دينار.

وعلى النقيض تماماً، جاءت 6 جهات حكومية أخرى في قائمة الأقل من حيث جملة المصروفات والنفقات بأرقام أُحادية وعشرية، إذ جاء على رأسها وحدة التحريات المالية بـ 3.242 مليون دينار، تليها بالمرتبة الثانية الإدارة المركزية للاحصاء بـ 6.1 مليون دينار، وفي المرتبة الثالثة الأمانة العامة للأوقاف بنحو 9.587 مليون دينار.

يلي ذلك جهاز المراقبين الماليين بنحو 12.58 مليون دينار، وفي المرتبة الخامسة ضمن الأقل إنفاقاً جاء المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية بـ 17 مليون دينار، وفي المرتبة السادسة جاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بجملة مصروفات ونفقات سجلت نحو 28 مليون دينار.

حصيلة بسيطة

وأظهرت الأرقام مقدار الزيادة في إيرادات الدولة نتيجة لقراراتها الأخيرة، أن الزيادة المتوقعة في إيرادات وزارة المالية تقدر بنحو 65 مليون دينار، وترجع إلى أسباب عدة، تتمثل في ارتفاع إيرادات التخلص من الأصول غير المتداولة غير المالية الملموسة، وذلك نتيجة المتوقع بيعه من الأراضي المملوكة للدولة بالمزاد العلني خلال العام، وذلك بالتزامن مع زيادة القيمة الإيجارية الخاصة بأملاك الدولة.

يأتي ذلك إلى جانب الزيادة في الضرائب على الدخل والأرباح والمكاسب الرأسمالية من الشركات ومشروعات أخرى، وكذلك كنتيجة لزيادة عدد الشركات وارتفاع أرباحها وبناء على المحصل الفعلي للسنوات السابقة، ناهيك عن زيادة الرسوم الإدارية بتوقع تحصيل رسوم على الأراضي الفضاء وفقاً للقانون (50 /‏1994) والمعدل بقانون (8 /‏2008).

أما وزارة الصحة والتي شهدت جدلاً واسعاً في أروقتها خلال العام المالي المنصرم في شأن قضية زيادة رسوم الخدمات الصحية على الوافدين والإيرادات المتحصلة عن ذلك، والتي ستخفف من أعباء الميزانية، فتبلغ زيادة إيراداتها نحو 27.7 مليون دينار.

وجاء من بين أسباب الزيادة في إيرادات «الصحة» الارتفاع المتوقع في إيرادات المستشفيات نظير تقديم بعض الخدمات الصحية الخاصة للمرضى بالمستشفيات، ومنها رسوم الإقامة في الأجنحة والغرف الخاصة ورسوم الأشعة الملونة، ناهيك عن الزيادة المتوقعة في إيرادات التأمين الصحي.

في المقابل، برزت زيادة إيرادات الكهرباء والماء على إيرادات وزارة الكهرباء والماء، في ارتفاع إيراداتها بنحو 22 مليون دينار إثر المتوقع تحصيله من مبيعات التيار الكهربائي واستعمال عدادات ورسوم إيصال التيار ورسوم فحص التمديدات الكهربائية، بالإضافة إلى الأخذ بالاعتبار قانون رقم (20 /‏2016) في شأن تعرفة وحدتي الكهرباء والماء، ناهيك عن الزيادة نتيجة تحصيلات من المياه العذبة وتكاليف ربط المياه، ما يعني أن الزيادة الضئيلة في إيرادات الوزارة ليس سببها ارتفاع التعرفة المعلن عنها فقط.

كما تظهر الوثائق وجود زيادة في إيرادات وزارة الداخلية بنحو 5.3 مليون دينار، والتي تأتي نتيجة زيادة الكاميرات المرورية، وزيادة المخالفات المرورية، وزيادة تحصيل مخالفات مخالفي الإقامة، وهو الأمر الذي يجب أن تنظر فيه الدولة إذ إن زيادة الإيرادات من المخالفات المرورية ليست مؤشراً صحياً، بل أمر يحتاج إلى نظرة مجتمعية إذ إن زيادة الإيرادات المحققة من المخالفات تكلفتها غير المباشرة عشرات الأضعاف على الدولة.

وعلى النقيض تماماً، أظهرت جهات أخرى نقصاً في إيراداتها مثل وزارة المالية (الحسابات العامة) حيث سجلت نقصاً بـ 109.9 مليون دينار، بعضها متعلق بالطوابع الحكومية، إذ يأتي من النقص في مبيع الطوابع المالية لصدور التعميم رقم (4 /‏2013) بشأن القواعد والإجراءات المنظمة لتطبيق

نظام الطوابع الإلكترونية الحكومية حيث تنص المادة (3) ثانيا القواعد العامة على «المبالغ التي يتم تحصيلها عن طريق قنوات لإصدار الطوابع المالية الإلكترونية الحكومية، يتم تصنيفها وإثباتها لحساب إيرادات كل جهة حكومية وفقاً للتعليمات المالية الصادرة من وزارة المالية بهذا الخصوص».

من جهته، بلغ النقص في الإيرادات المتوقعة لوزارة المواصلات نحو 49.2 مليون دينار، متركزا في إيرادات البرق والهاتف متمثلة في النوع المتعلق بالمخابرات الخارجية، وهو ما يُعد مؤشراً على عزوف المواطنين والمقيمين عن استخدام تلك الخدمات، ولجوئهم إلى وسائل أخرى توفر عليهم التكلفة مثل برامج المكالمات غير المدفوعة على الإنترنت، وسُجل ذلك التراجع إلى جانب انخفاض الإيراد المتوقع تحصيله من المساحات المستأجرة.

5 ملايين دينار لتعيين وافدين

أظهرت الاعتمادات المالية لأبواب المصروفات، خصوصاً الباب الأول المتعلق بالرواتب تخصيص 5 ملايين دينار من الاعتماد التكميلي الثاني لتعيين غير الكويتيين على الوظائف التي تتسم بالطابع الفني أوالندرة والحاجة الملحة، إلا أن الأمر جاء بالتزامن مع تطبيق سياسة الإحلال على 730 وظيفة لغير الكويتيين، حيث ورد عليها تحفظ بان يتم تجميدها بميزانية 2017 /2018 اعتبارا من 1 /7 /2017.

وفي ذات السياق، تم تخصيص مبلغ احتياطي قدره 40.9 مليون دينار ضمن الاعتماد التكميلي الثاني لمواجهة أي زيادة في الصرف تطرأ نتيجة تنفيذ قانون أو مرسوم أو قرار من مجلس الوزراء أو مجلس الخدمة المدنية، أو تدبير اعتمادات مالية لمقابلة تغير مستوى صرف أي مستحقات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى