المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

رموز وطنية شاهــدة على الاحتلال

٢٧ عاما مرت على هذا الحدث الجلل الذي اصاب العالم كله بالصدمة وعانى فيهه المواطنون أهوالا لم تكن في الحسبان.

بعد ٢٧ عاما يتذكر كل من وزير الصحة الاسبق د.محمد الجارالله ومدير م.

الأمراض السارية د.جمال الدعيج، وعميد كلية العلوم الاجتماعية د.محمود القشعان ورئيس قسم علم النفس جامعة الكويت د.عثمان الخضر والإعلامي د.عصام الفليج عن هذه الايام ودورهم خلالها.د.محمد الجارالله رد على تساؤلاتنا حول الخدمات الصحية في تلك الفترة فاجاب: انقسم العمل الى ثلاث مراحل، المرحلة الأولى: مرحلة الصدمة والتي منها نزوح العمالة الأجنبية وذهول الإدارة العراقية والثانية مرحلة تمكن الإدارة العراقية ودخول الموفدين بكل أقسام المستشفى والمرحلة الثالثة هي مرحلة الطوارئ والحرب شهر 12 و1 و2، وقامت اللجنة الصحية الخاصة باجتماعات للمديرين بصورة اسبوعية بالاضافة الى الاجتماع الرسمي مع المدير العام العراقي وخدمات القطاعات الصحية الاخرى في المستوصفات والمستودعات والجمعيات والمخابز وكان العمل الفردي للاطباء والصيادلة والمساجد والتمريض.

وضع استعماري 

كيف تعاملتم مع العاملين في المستشفيات من قوات الاحتلال؟

٭ عينت سلطات الاحتلال ضابط ارتباط عسكري ومعه مجموعة من الفنيين من أطباء وصيادلة وتمريض ومختلف الفئات، والحقيقة ان جميعهم من الاستخبارات، كذلك وضعت طبيبا من العراق كعضو ارتباط، وهذا ليُملي على المدير الكويتي قرارات السلطات، حيث ان الثقة معدومة تماما بأي كويتي، وهذا وضع استعماري صارخ، وقد تغلغل هؤلاء في كل جناح وغرفة وفي كل مكان.

ولم تكن سلطات الاحتلال مهتمة بالمستشفيات من حيث الادارة والتنظيم والامداد الا بهدف واحد وهو الاستعداد للحرب، وكانت مشاعر الموفدين العراقيين المستعمرين غريبة، فأغلبهم غير متخيل حتى الآن ما حدث من احتلال وغير مقتنع به ولكن يتصرفون كرجال آليين ليس لديهم أي تفكير، وكذلك كانت هناك ملاحظة، وهي انعدام الضمير والاستعداد الفطري لديهم للسرقة من الجميع باستثناءات نادرة، فكان كل موفد عراقي يصل للمستشفى يبدأ في التفكير في كيفية سرقة أي شيء.

وصف الصورة

هل تذكر لنا باختصار الدور الذي قام به الكادر الطبي العامل في وزارة الصحة خلال فترة الاحتلال؟

٭ لقد حرص الكادر الطبي على استمرار أداء المستشفيات والمستوصفات لرسالتها وعمل في الوقت نفسه على إنشاء عيادات أخرى غير رسمية لتكون بعيدا عن أعين قوات الاحتلال العراقي تقدم خدماتها لأفراد المقاومة والمواطنين، وفي وسط أجواء صعبة، حيث كنا نواجه الموت في كل لحظة، وعندما بدأت مجاميع الاطباء والفنيين المجيء إلى المستشفى العسكري الذي كنت أعمل فيه رئيسا لقسم الحوادث والطوارئ، استطعنا توفير اقسام متكاملة لتقديم الخدمات والعلاج لأي محتاج طوال اليوم دون انقطاع، وأتذكر الطبيب الشهيد هشام العبيدان الذي استمر في أداء واجبه لمدة ثمانية أيام متواصلة في قسم الحوادث.

وبعد اجتياح الكويت بأسبوع بدأ التوافد على المستشفى بالعشرات الى قسم الحوادث نتيجة المقاومة وكل مجموعة تأتي ومعها اثنان من افراد الشرطة العسكرية العراقية، حيث وصل العدد الى 300 جريح، وأجريت لستة منهم عمليات جراحية تكللت بالنجاح، ما جعلهم يبكون بين أيدينا، مؤكدين عدم اقتناعهم بالعدوان على الكويت.

ما مدى توافر الخدمات الصحية في هذا الوقت؟

٭ الخدمات كانت مقبولة، ما لعب دورا كبيرا في صمود ابناء الكويت المتواجدين في الداخل، خاصة بعد ان انتهت الصدمة الأولى لايام الاحتلال، والتي أربكت الجميع، ولم يغادر مديرو المستشفيات من أمثال د. سليمان علي ويوسف النصف ومحمد الشرهان لمدة شهر كامل مما دفع الاطباء والفنيين والممرضين الى الاستمرار في اداء الواجب، كما كان هناك تنسيق كامل بين الاطباء الكويتيين وادارة م.مبارك الكبير وجمعية الهلال الأحمر الكويتية وإدارة الطوارئ الطبية لتنظيم دورات مكثفة بشكل يومي كل واحدة منها امتدت لثلاثة أيام بغرض تنوير وتثقيف المرض حول طرق الاسعافات الاولية ونقل المرضى إلى المستشفيات والمراكز الصحية، ما دفع سلطات الاحتلال الى اغلاق الهلال الاحمر واعتقال خمسة من اعضائه لمدة زادت على الشهر الكامل.

والمرحلة الثانية كانت الاكثر تنظيما في إدارة الخدمات الصحية وتشكلت لجنة من مديري المستشفيات الموجودين في الكويت وهم د. صلاح العتيقي وسليمان العلي ود.يوسف النصف ود.محمد الشرهان ود. عادل التوحيد ود. عادل العصفور ود. عهدي الغانم، وقامت بالتنسيق مع لجان التكافل بوضع خطة تضمن استمرار تقديم الخدمات الطبية وعلى مستوى عال على الرغم من نقص الامكانيات وازدياد المخاطر.

وبموجب الخطة تم تحديد سرداب أو أكثر في كل منطقة لا يعرفها الا عدد قليل من سكانها وتم تحديد اسم طبيب مسؤول للإشراف على كل سرداب، وكان الغرض من السرداب معالجة رجال المقاومة بعيدا عن اعين قوات الاحتلال والتعامل مع الحالات العاجلة والحرجة بين المواطنين.

وبعد فترة امرت اللجنة بسحب المعدات والادوية من السراديب لإبعاد وتضليل قوات الاحتلال ووزعت ما أمكن استخدامه منها على المواطنين والمقيمين للقيام بتقديم الخدمات الصحية بالتعاون مع لجان التكافل واللجان الشعبية.

وصف الصورة

ما أصعب القرارات التي واجهتك؟

٭ كان أصعب قرار واجهناه على الإطلاق هو قرار نقل الأطباء الكويتيين الى المحافظات العراقية ترسيخا لزعمهم المعروف ان الكويت هي المحافظة الـ 19، وقد شملت اوامر النقل 130 من العاملين في وزارة الصحة منهم 13 كويتيا، وقد رفض الكويتيون تنفيذ اوامر النقل فتم فصلهم ومكثوا في بيوتهم يديرون العمل في مستشفياتهم بواسطة الأطباء والإداريين الكويتيين المتواجدين في المستشفيات بصورة غير مباشرة ثم رجعوا الى مستشفياتهم قبل بدء الضربة الجوية.

ثم جاءت الضربة الجوية وكنت مديرا لمنطقة الصباح، وكنا ننام في المستشفى لا أذهب للمنزل الا كل يومين او ثلاثة، ومرة طلبونا للتصوير مع الاطفال الخدج ليظهروا ان الوضع طبيعي، ولكني ذهبت لقسم الجراحة حتى لا اظهر في التصوير.

وأود أن أشيد بدور د.محمد الشرهان مدير إدارة الطوارئ في ايام الاحتلال وما بعده بالتعاون مع الدفاع المدني، وكذلك د.محمد النخيلان الذي حافظ على الأدوية ايام الاحتلال حتى انها غطت الاحتياج الى ما بعد الاحتلال ومرابطته في صبحان.

كلمة أخيرة؟

٭ أقول نحن ابناء الكويت مدينون لها، وما قدمناه ليس بتضحية، فهي تساوي الكثير وجميلها علينا، ويجب ان يعرف الجيل الحالي أننا مهما قدمنا لوطننا فلن نوفيه حقه علينا، وأن يعرف كيف تجلت الوحدة الوطنية إبان الاحتلال وكيف اصبحت كل التيارات السياسية والفئات المختلفة متلاحمة، وكان هذا من اسباب تحرير الكويت بعد منة الله علينا، وأتمنى ان يحرص الكويتيون على اللحمة الوطنية والتي يقودها صاحب السمو الامير بمنتهى الحنكة والحكمة وسط العواصف، فالكويت بلد صغير وسط هذا الخضم من قضايا الخليج ونأمل ان يقف الجميع خلف هذه الحكمة، خاصة ونحن نرى في وسائل التواصل الاجتماعي من يدعو لتفكيك الوحدة الوطنية، فعلينا الوقوف خلف صاحب السمو في التئام الأخوة الخليجية ولم الشمل ومن ثم نبتعد عن الشحن والتوتر لنحافظ على بلدنا الحبيب.

تنظيم العمل

كيف كان يتم توفير الأدوية وتوزيعها على المرضى أيام الاحتلال؟

٭ د.جمال الدعيج: الأدوية كانت موجودة في المستشفيات، أما عن الأدوية التي عليها طلب كبير كأدوية السكري والضغط، فلاحظنا ان العراقيين يسحبون منها كميات كبيرة، وأما ادوية مرضى السرطان وغسيل الكلى فكانت شحيحة، ونصحنا المرضى بمغادرة البلد لتلقي العلاج اللازم غير المتوافر.

وقد قمنا بالتنسيق مع المستوصفات ومع الصيادلة بإخفاء الأدوية ولا تصرف إلا بمعرفتنا، ولم يكن هناك كويتيون في الصيدليات، وكان هناك كثير من الاخوة المصريين وغيرهم وتعاونوا معنا، ومن خلال الأخ محمد الخيلان «أبو ياسر» وكيل مساعد للشؤون المستودعات سابقا حيث وفر لنا ادوية الضغط والسكري.

كيف استطاعت كل ادارة للمستوصفات تنظيم العمل بعد التحرير ودوركم في هذا؟

٭ د.الدعيج: كانت المستوصفات قد اغلقت خاصة في الضواحي لعدم وجود عمالة او موظفين وكذلك لتعرض المستوصفات للسرقة وعندما جاءني الإيعاز من حكومة الاحكام العرفية بعد الاحتلال برئاسة المرحوم الشيخ سعد العبدالله السالم بفتح المراكز الصحية والذي اعلن في اذاعة الكويت جاء اطباء سجلوا اسماءهم في قرطبة عندي في الشؤون الصحية في الشرطة وطالبنا من كل طبيب بفتح او كسر باب المستوصف وتواجدهم لإشعار الناس بالأمان مع عدم وجود الامكانيات، لكن مجرد فتح المستوصف شيء مريح وخلال 24 ساعة افتتح 75% من المستوصفات وكان عدد المستوصفات وقتها 50 أو 60 مستوصفا وتمكنا من افتتاح 45 مستوصفا تقريبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى