حتى في لحظاته الاخيرة التي فارق بها الحياة كان خلوقا ومتواضعا ليكتب السطر الاخير لفظا وفعلا لمسيرة حياة انسان فنان عرف بخلقه العالي واحترامه لذاته وللاخرين، فقد فجع الوسط الفني الاردني والعربي بوفاة الفنان ياسر المصري اثر حادث سير مساء أول من امس في مدينة الزرقاء الادرنية، حيث ذكرت مصادر عديدة انه وبعد خروجه من زيارة عائلية لشقيقه ووالدته في منطقة الزرقاء وجد جار شقيقه يحاول تشغيل مركبته المتعطلة فترجل من سيارته لمساعدته وما ان حاول تشغيل السيارة عن طريق «التعشيق»، واذ به يفقد السيطرة عليها بعد فشل المحاولة فسارت بشكل سريع على الشارع المنحدر الذي كانت تتوقف فيه فاصطدمت بمركبة اخرى وتوفي متأثرا بجراحه، فما كان له الا ان يتوفاه الله وهو يسعى لمساعدة الغير ليختتم حياته بعمل خير ويتوقف اخر مشهد له من «درب الشهامة» هذا العمل الذي كان يصور مشاهده في ايامه الاخيرة.
اما اخر ما قاله عبر وسائل التواصل وتحديدا عبر «فيسبوك» في رد على صديقه المخرج فايز الدعيبس «اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنا»، والذي لقى ردة فعل كبيرة بين نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كان هذا الرد تعليقا على دعيبس الذي كتب قائلا: «ربي اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين» وقد علق بعدها دعيبس، إذ جاء بعد تلقيه خبر وفاة المصري، ليكتب له رسالة لن يقرأها، «الله يرحمك ويعفو عنك يا أخي وصديقي الغالي.. أوجع قلبي فراقك وقد مسني الضر بفراقك».
حياته
ياسر المصري من مواليد الكويت عام 1970، حيث ولد وسط عائلة مكونة من سبعة اشقاء وشقيقات تخرج من ثانوية الرميثية، حاصل على بكالوريوس العلوم الموسيقية من الأكاديمية الأردنية للموسيقى، تخصص آلة الكلارينيت، كما أنه عضو في نقابة الفنانين الأردنيين، وهو متزوج من الصحافية الأردنية نسرين الكرد، ولديه ثلاثة أولاد «زيد، راية وجنى».
عمل في البداية كمدرب رقصات فنون شعبية واستعراضية منذ عام 1986، ثم انخرط بالحركة الفنية منذ أوائل التسعينات، إذ بدأ كممثل في مسرحية «كلاكيت»، قدم المصري العديد من الاعمال التلفزيونية التي قاربت الخمسين، ابرزها دوره في مسلسل «نمر بن عدوان» عام 2007، الذي حقق من خلاله نجاحا جماهيريا كبيرا، كونه قدم شخصية امير شعراء البادية نمر بن عدوان، الى جانب عدد كبير من الاعمال من بينها «راس غليص، دعاة على ابواب جهنم، الجماعة، رعود المزن» واعمال اخرى، اما على صعيد الاعمال السينمائية فقد شارك في فيلمي «كف القمر» و«الرغبة في السقوط»، وكان مرتبطا قبل وفاته بتصوير مشاهده في مسلسل «درب الشهامة».
«المحتالة»
محليا شارك الفنان في مسلسل «المحتالة» عام 2016 مع الفنانين هدى حسين وعبدالرحمن العقل، الذي قدم من خلاله شخصية كويتية اتقن من خلالها اللهجة المحلية باعتباره كويتي المنشأ.
وقد رثت الفنانة هدى حسين الراحل قائلة: لقد كان مثالا للانسان المحترم والخلوق، ويجمع كل من تعامل معه على ذلك، وكان ملتزما باوقات الصلاة ولا يشغله عنها شيء ولم يكن لديه اي مطالب لا داعي لها ويتعامل مع كل الفنانين بتواضع واخلاق عالية على الرغم من نجوميته، واستطاع ان يتقن الدور ككويتي في مسلسل المحتالة، فهو ابن الكويت وكان دوما يستذكر طفولته في البلاد، ويعبر عن عشقه للكويت، وقد فجعنا بوفاته وندعو الله ان يسكنه فسيح جناته ويلهم اهله الصبر والسلوان.
الفنان عبدالرحمن العقل نعى الفقيد قائلا: لم يكن الفنان ياسر المصري انسانا عاديا فقد كان رحمه الله يتحلى باسمى ايات الاخلاق والاحترام للاخرين، وكان مثالا للالتزام في كل نواحي الحياة يحرص على صلاته وتواصله مع الاخرين، ويحترم الصغير قبل الكبير، لا يؤذي احدا لا بالفعل ولا بالقول، ولا يسعنا سوى ان ندعو الله ان يسكنه فسيح جناته ويرحمه ويلهم اسرته الصبر والسلوان.
نعي وزارة الثقافة الأردنية
نعت وزارة الثقافة الفنان ياسر المصري، الذي يعد من القامات الإبداعية المتميزة، التي قدمت للمشهد الفني الأردني والعربي الكثير، من أبرزها دوره في مسلسل «نمر بن عدوان»، ودوره في تجسيد شخصية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
واعتبرت وزارة الثقافة فقده خسارة كبيرة على المشهد الفني العربي، حيث تركت أدواره بصمة واضحة في وجدان المشاهد العربي، كما استذكرت الوزارة دوره مدرباً للفرقة الوطنية للفنون الشعبية. وقدمت وزارة الثقافة تعازيها لأسرة الفنان الراحل ولزملائه الفنانين الأردنيين والعرب، وجمهوره العربي الذي أحبه وتابعه في جميع أدواره الجادة والهادفة.
