المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

غسل الأموال: البنوك تشتبه.. وتخطر وحدة التحريات

يختلط لدى البعض أمر ملاحقة عمليات الأموال المشبوهة، فهناك من يعتقد أن البنك المركزي هو المعني الأول، مقابل من يعرف أن الأمر منوط بوحدة التحريات المالية، علماً أن هناك من يعتقد أن البنوك والمؤسسات المالية هي المعنية بالدرجة الأولى. لكن حقيقة الأمر هي نتاج عمل مشترك كما بيَّنه رد بنك الكويت المركزي على سؤال برلماني أكد فيه ما يلي:
نود أولاً أن نشير إلى الأهمية التي يوليها بنك الكويت المركزي مجال المكافحة المطلوبة لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والدور الفعال الذي قام به بنك الكويت المركزي ضمن الجهود التي بذلت من قبل دولة الكويت لمواكبة القوانين واللوائح والتعليمات المعمول بها بما يتماشى مع الضوابط والمعايير التي أقرتها مجموعة العمل المالي FATF والمعمول بها في معظم دول العالم.
ومن أول هذه الجهود المبذولة، التنسيق مع صندوق النقد الدولي للاستعانة بخبراء متخصصين لمساعدة دولة الكويت في إعداد مشروع متكامل لقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يشتمل في مواده على أحكام ونصوص تتماشى والمتطلبات الدولية المقررة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادرة من مجموعة FATF وما تطلبه ذلك من قيام بنك الكويت المركزي بالتنسيق بين الجهات الداخلية المختلفة والمعنية بتطبيق الالتزامات الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والمساهمة في تبني وتوفير والتجهيز والإعداد للاجتماعات التحضيرية اللازمة في ما بين خبراء الصندوق وتلك الجهات حتى يصدر هذا التشريع على النحو المرجو منه، حيث كللت هذه الجهود بصدور القانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الذي نشر بالجريدة الرسمية في 2013/5/26.
وساهم أيضاً بنك الكويت المركزي في إعداد المشروع الخاص بإصدار كل من: اللائحة التنفيذية للقانون المذكور، قرار إنشاء وحدة التحريات المالية الكويتية، وكذلك التنسيق مع وزارة الخارجية بشأن إصدار القرار الوزاري المطلوب من أجل تنفيذ متطلبات القرارات التي تصدر من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالإرهاب وتمويل الإرهاب.
ويبذل «المركزي» ما يلزم من جهود ضمن مهامه المناط القيام بها كجهة إشرافية على وحدات الجهاز المصرفي والمالي.
وأوضح «المركزي» في مجال الشبهات المتعلقة بحركة حسابات العملاء المفتوحة لدى البنوك الخاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي، فإن الإجراءات والمتطلبات التي يتعين الالتزام بها في هذا الخصوص تشمل جميع أنواع الحسابات التي تفتح لدى البنوك ولا تخص فئة محددة أو نوعية معينة من العملاء، وهذه الإجراءات والمتطلبات تأتي في نطاق المتطلبات الواردة بأحكام القانون رقم 106 لسنة 2013 الصادر بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وما أصدره بنك الكويت المركزي من تعليمات للبنوك المحلية اتساقاً مع أحكام هذا القانون.
وجدير بالذكر أنه وفقاً لما نصت عليه المادة 2 من القانون فإن مرتكب جريمة غسل الأموال هو كل من علم أن الأموال متحصلة من جريمة وقام عمداً بالآتي:
أ – تحويلها أو نقلها أو استبدالها، بغرض إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لتلك الأموال، أو مساعدة أي شخص ضالع في ارتكاب الجرم الأصلي الذي تحصلت منه الأموال.
ب – إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للأموال أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها.
ج – اكتساب الأموال أو حيازتها أو استخدامها.
ويكون الشخص الاعتباري مسؤولا عن أية جريمة تنص عليها أحكام هذه المادة.
وفي نطاق هذا التعريف ودرءاً للمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها البنوك جراء محاولات مرتكبي هذه الجريمة من التسلل وإدماج هذه الأموال غير المشروعة وغسلها عبر إيداعها بحسابات مفتوحة لديها، فقد سعت الدول إلى تطبيق وتبني السياسات والإجراءات التي تساعدها في مكافحة هذه الجرائم والتصدي لها بكل الطرق والوسائل، وذلك من خلال الحرص على تطبيق المتطلبات الواردة بالتوصيات والمعايير الصادرة من مجموعة العمل المالي (فاتف) التي تكفل وجود عناية قائمة وواجبة لدى البنوك تحقق مكافحة جادة ومستمرة لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحة الفساد.
واتساقاً مع هذه الجهود، قامت دولة الكويت بإصدار القانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب السالف الذكر، كما قام بنك الكويت المركزي بإصدار تعليمات إلى جميع البنوك المحلية بتاريخ 2013/7/23 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تضمنت الزام البنوك بالعديد من المتطلبات اتساقاً مع ما ورد بأحكام القانون المذكور، والتي من ضمنها متطلبات «اعرف عميلك» التي تقضي بضرورة الحصول على البيانات والمعلومات الشخصية للعملاء والاحتفاظ بها طوال فترة التعامل والعمل على تحديثها على فترات دورية مناسبة، حيث يتعين استيفاء البنوك للمعلومات المرتبطة بنشاط العميل طالب فتح الحساب والغرض من فتح الحساب والمستفيد الفعلي من الحساب، وما يفيد حجم تعاملاته المتوقع وحجم ثروته ومصادرها، ومن ثم متابعة ومراقبة الحركة التي تتم في مجال استخدامات الحسابات التي تفتح لديها للتحقق من مدى تناسبها واتفاقها مع ما يتوافر لديها من معلومات عن العميل، وأيضاً للتحقق من عدم وجود شبهات تتعلّق بحركات غير معتادة أو استثنائية أو الصفقات المعقدة والكبيرة وجميع أنماط الصفقات غير المعتادة بتلك الحسابات، وذلك عبر وضع العديد من النظم وإجراءات العمل التي يتعين على البنوك اتباعها لدى تقديم خدماتها للعملاء. أيضاً تضمنت تلك التعليمات الإجراءات التي يتوجب اتخاذها في حالة الاشتباه بأن الأموال المودعة بأي من الحسابات التي تفتح للعملاء لا تتسق وسابقة التعامل وأيضاً مع المعلومات المتوافرة لديها عن أي منهم، وذلك وفقاً لأحكام المادة 12 من القانون السالف الإشارة إليه والتي تتطلب الإخطار عن أي عمليات مشبوهة إلى الجهة المختصة وهي وحدة التحريات المالية الكويتية، المنشأة وفقاً لحكم المادة 16 من هذا القانون.
وبالتالي، فقد اختص القانون وحدة التحريات المالية الكويتية بتلقي الإخطارات التي تقدمها كل المؤسسات المالية وغير المالية ومن بينها البنوك عن العمليات المشبوهة والقيام بإجراء الدراسة والتحليل المطلوب لها.
وأشار «المركزي» في هذا الخصوص إلى حرصه الدائم على متابعة البنوك في مجال التزامها بما تقضي به التعليمات الصادرة من خلال مهام التفتيش التي يتم إجراؤها على هذه البنوك بغرض التحقق من الالتزام بالمتطلبات الواردة بالتعليمات، خاصة ما يتعلّق بمتابعة حسابات العملاء وقيام البنوك بإخطار وحدة التحريات المالية عن أي حالة اشتباه تتكشف لديها تتعلّق بمعاملات لا تتسق والمعلومات أو سابقة تعاملات العميل واستخداماته للحساب.
كما يتم في حال ما تبين وجود مخالفة لدى أي من هذه البنوك للمتطلبات الواردة بتلك التعليمات توقيع جزاء أو أكثر من الجزاءات المنصوص عليها بموجب المادة 15 من القانون رقم 106 لسنة 2013 السالف الذكر.
وأكد بنك الكويت المركزي حرصه الدائم واستجابته الفورية في تلبية الطلبات التي ترد إليه بموجب قرارات تصدر من الجهات المختصة (النيابة العامة، القضاء، الإدارة العامة للتحقيقات) تتضمن التحفظ أو تجميد أرصدة حساب أو حسابات مفتوحة لدى البنوك وتخص اسما أو أسماء يحتويها القرار الذي يصدر في هذا الشأن ومن دون تأخير، حيث يتم التعميم على البنوك المخاطبة بذلك للتنفيذ الفوري لمثل هذه القرارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى