المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

الافتراضي

مجلس التعاون الخليجي.. 36 عاماً من الوحدة والعمل المشترك

تمر المنطقة العربية عموماً، والخليجية خصوصاً، بتحديات أمنية وظروف صعبة، ما يجعل دول الخليج تأخذ على عاتقها التصدي لحل الأزمات بالمنطقة.
وتحل اليوم، الذكرى الـ36 لتأسيس مجلس التعاون الخليجي، حيث تبدى عبر العقود الثلاثة الماضية مدى حرص دوله على التمسك بالوحدة الخليجية، والعمل تحت مظلة التعاون الخليجي، خاصةً أن العوامل المشتركة كثيرة؛ كالدين، واللغة، والعادات، والأهداف، ووحدة المصير، ما جعله تكتلاً متميزاً بالمقارنة مع التكتلات العالمية الأخرى.
دول مجلس التعاون الخليجي التي استطاعت تحقيق العديد من الإنجازات خلال مسيرة المجلس في العقود الثلاثة الماضية، رغم التحديات التي تعصف بالمنطقة والعالم.
وقبل 36 عاماً أعلن عن إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وذلك خلال اجتماع قادة دول الخليج الست (السعودية، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، قطر، البحرين، عُمان) في العاصمة الإماراتية أبوظبي، خلال يومي (25-26) مايو 1981.
حيث أُطلق على ذلك الاجتماع “قمة التأسيس”، تم خلاله التوقيع على النظام الأساسي للمجلس، الذي هدف إلى تحقيق التعاون بين دول الخليج الست، وتنمية علاقاتها، وتحقيق التنسيق، والتكامل، والترابط، والصلات القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.

دوافع التأسيس
سيطرت على تأسيس مجلس التعاون عدة دوافع وأسباب؛ أهمها التحديات التي تواجهها المنطقة العربية منذ فترة السبعينات، فضلاً عن توفر بيئة مناسبة ومشابهة للدول الست كانت تحفزها على التكامل، والتعاون، والتنسيق فيما بينها بالمجالات المختلفة.
كما أنه وعلى الرغم من تأكيد دول المجلس أن أمن الخليج يضمنه أبناؤه، فقد ميزت هذه الدول بين أمن دول الخليج العربية والأمن الإيراني، ما نتج عنه وقوفها إلى جانب العراق في حربه ضد إيران خلال عقد ثمانينات القرن الماضي، كما أكدت دول المجلس أن الأمن الخليجي هو جزء من الأمن القومي العربي، وليس منفصلاً عنه كما حاولت إيران أن تروج لذلك.
ومع ذلك لم تُشِر ديباجة النظام الأساسي لمجلس التعاون – الذي وقَّعه قادة الدول الست في 25 مايو 1981 – إلى البُعد الأمني، وإنما أشارت إلى عوامل قيام المجلس بالقول: “إدراكاً منها لما يربط بينها من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة، أساسها العقيدة الإسلامية، وإيماناً بالمصير المشترك، ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها، ورغبة في تحقيق التنسيق والتكامل فيما بينها، بما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية، واستكمالاً لما بدأته من جهود في مختلف المجالات الحيوية التي تهم شعوبها، وتحقق طموحاتها نحو مستقبل أفضل، وصولاً إلى وحدة هدفها، وتماشياً مع ميثاق جامعة الدول العربية الداعي إلى تحقيق تقارب أوثق وروابط أقوى، وتوجيهاً لجهودها إلى ما فيه دعم وخدمة القضايا العربية والإسلامية، وافقت فيما بينها على إنشاء هذا المجلس”، وفي هذا الإطار حدد النظام الأساسي أهداف مجلس التعاون الأساسية فيما يأتي:
– تحقيق التنسيق، والتكامل، والترابط، بين الدول الأعضاء في جميع الميادين، وصولاً إلى وحدتها.
– تعميق وتوثيق الروابط، والصلات، وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.
– وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين، بما في ذلك الشؤون الاقتصادية والمالية، والشؤون التجارية والجمارك والمواصلات، والشؤون التعليمية والثقافية، والشؤون الاجتماعية والصحية، والشؤون الإعلامية والسياحية، والشؤون التشريعية والإدارية.
– دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة، والتعدين، والزراعة، والثروات المائية، والحيوانية، وإنشاء مراكز بحوث علمية، وإقامة مشاريع مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع الخاص.

النتائج
أبرز النتائج التي حققتها دول الخليج بدأت تبرز ميدانياً في كل من اليمن وسوريا، إذ اتخذت السعودية – برفقة دول مجلس التعاون – قراراً جريئاً بشن عملية ضد مليشيا الحوثيين في اليمن، أسمتها “عاصفة الحزم”، وأتبعتها بعملية أخرى أطلقت عليها “إعادة الأمل”، وتتضمن شقاً سياسياً لإعادة الشرعية اليمنية إلى مفاصل الدولة المتهالكة.
أما في سوريا فلا بد من التطرق إلى آخر ما اعترف به زعيم مليشيا حزب الله، حسن نصر الله، في وقت سابق، بقوله: “انتهى الخلاف السعودي القطري التركي، والكل الآن في المعركة ضدنا”، معلناً ما أسماه “التعبئة العامة”.
ويرى مراقبون أن دول الخليج – إلى جانب تركيا – تقوم بدور مهم غير معلن في سوريا في الفترة الأخيرة، وأطلق البعض عليها “عاصفة حزم في سوريا”، وظهرت نتائجها بعد بدء الضربات ضد الحوثيين في اليمن، وتزامن معها تقدم لفصائل المعارضة السورية في مواقع محورية مهمة، ومنها معارك القلمون، وجسر الشغور.
وفي خضم ذلك تواصل دول الخليج التعاون مع التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة”، الذي يسيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق، وأعلنت مراراً أنها قامت بعمليات قصف ضد مواقع التنظيم للحد من وجوده.
ومع هذه النتائج بدأ يبرز الجانب الأمني من تشكيل مجلس التعاون الخليجي، الذي لم يكن واضحاً بداية تشكيله قبل 36 عاماً، فيرى مراقبون أن هذا التشكيل كان يجهز لهذه اللحظات الحاسمة من مرحلة الضعف والتدهور في المنطقة العربية، وأهمها التمدد الإيراني في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى