المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

«هآرتس»: الجيش الإسرائيلي يريدها حرباً قاصمة

في مثل هذا الأسبوع، قبل عقد من الزمن، وقع هجوم غامض في شرق سوريا. ثم تحدث عنه الرئيس جورج دبليو بوش وعدد من كبار المسؤولين في إدارته، وأفادت مجموعة من وسائل الإعلام من كل انحاء العالم باستثناء وسائل الإعلام الإسرائيلية، في وقت لاحق، أن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي هاجمت ودمرت منشأة نووية بنتها كوريا الشمالية لنظام الأسد.
تجدر الاشارة الى ان مناورات الجيش الاسرائيلي الواسعة النطاق التى تقوم بها قيادة المنطقة الشمالية لمدة أسبوع ونصف الأسبوع، تعكس بعض التغييرات التى حدثت على الحدود الشمالية لاسرائيل خلال السنوات العشر الماضية منذ الحرب الأخيرة مع «حزب الله». صحيح ان قصف المنشأة السورية جاء بعد عام واحد من أداء الجيش الإسرائيلي المخيب للآمال ضد حزب الله خلال حرب لبنان الثانية، ولكنه حدث في وقت كانت إسرائيل ما تزال تعتبر سوريا عدوا خطيرا.

الواقع الاستراتيجي في عام 2017 مختلف تماما. لقد تآكل الجيش السوري تماما تقريبا خلال ست سنوات ونصف السنة من الحرب الأهلية، وحزب الله أصبح العدو الأساسي، ولبنان هو ساحة القتال الأكثر إثارة لقلق إسرائيل. وتعتبر سوريا الآن مسرحا ثانويا يمكن أن يكون جزءا من حرب مستقبلية مع حزب الله في ظل ظروف معينة (مثل زيادة النشاط الإيراني على طول الحدود مع إسرائيل في مرتفعات الجولان)، أو يمكن أن يسرع من اندلاع مثل هذه الحرب.
هذه المناورات هي الأولى من نوعها خلال تسعة عشر عاما. لقد اتخذت قيادة الاركان قرارا عشية حرب لبنان 1982، بحل قيادة الأركان، لاعتقادها أنها اصبحت متهالكة ولا لزوم لها، ثم سارعت لاستعادتها بعد الحرب مباشرة. وسوف يشارك في هذه المناورات عشرات الآلاف من الجنود النظاميين والاحتياطيين، ولكن ما هو مهم في ذلك هو مشاركة عشرات الألوية والضباط من مختلف الرتب العسكرية.

تفسير خلاّق
والهدف من هذه المناورات، الذي وُضع لقائد الفيلق الشمالي، اللواء تامير هيمان، هو هزيمة حزب الله. والحديث هذه المرة لا يدور عن إلحاق ضرر كبير بحزب الله أو ردعه أو إبطال رغبته في القتال حتى الجولة التالية من القتال. وهذا تطور إيجابي؛ فمن الجيد أن يتحدث الجيش الإسرائيلي بوضوح سواء داخل صفوفه او خارجها. ولكن يجب على المرء أن يأخذ كل هذا بكثير من الحذر. فمن الأسهل بكثير أن نعلن النصر في المناورات، منه في الحرب الفعلية. وفي حين أن اتجاه تطور الأحداث في لحظة الحقيقة يعتمد إلى حد كبير، على الحوار بين رئاسة الأركان والقيادة السياسية.
وكما اتضح خلال الحروب الأخيرة في لبنان وغزة، فإن الحكومة ومجلس الوزراء الأمني المصغر لا يميلان إلى وضع أهداف مفصلة أو طموحة للجيش. وفي كثير من الحالات، أُجبِرت رئاسة الأركان على استخلاص أهداف الحملة من خلال التفسير الخلاق للمبادئ التوجيهية العامة التي تلقتها من القيادة العليا. وهذا أحد الأسباب الكامنة وراء القرار الذي اتخذه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي إيزنكوت منذ عامين، بنشر وثيقة عن استراتيجية الجيش تناولت هذه القضايا لأول مرة علانية. ويبدو هذه المرة ان معظم الوزراء فى مجلس الوزراء الأمنى – على الأقل – سيبذلون جهودا لمشاهدة اجزاء من المناورات، بعد ان غاب معظمهم عن مناورات الأركان العامة، العام الماضي.

رسائل تهدئة
ويدرك حزب الله الاستعدادات العسكرية للجيش الإسرائيلي، ومن المتوقع أن يبذل قصارى جهده لتحليل خطط إسرائيل وتقييم قدراتها. وعلى الرغم من رسائل التهدئة التي خرجت من إسرائيل، والتي تؤكد أن هذه مجرد مناورات (تجري في منطقة الجليل السفلى الذي يشبه في تضاريسه جنوب لبنان)، يمكن للمرء أن يفترض أن القلق الإقليمي سوف يتصاعد خلال الأيام المقبلة. وستسعى إسرائيل إلى الاستفادة من هذه المناورات لإيصال رسالة رادعة، مفادها أنه على الرغم من تحسن قدرات حزب الله على مدى السنوات الإحدى عشرة الماضية، فإن تطور قدرات الجيش الإسرائيلي على المناورة الجوية والاستخباراتية والتكنولوجية والبرية أكبر بكثير. وإذا أخطأ حزب الله في الاعتقاد بأن إنجازاته في الحرب السورية أعدته للنجاح أمام الجيش الإسرائيلي، فسوف يدفع ثمنا باهظا.
وربما تكون خلفية هذه العملية هي التغير الدراماتيكي الذي حدث في الوضع الإقليمي. فالحرب في سوريا لم تنته بعد، لكن التدخل الروسي والإيراني ومساعدة حزب الله التي حالت دون تقدم قوات المعارضة، أنقذت نظام بشار الأسد من الهزيمة، وتمكن الأسد في الأشهر الأخيرة من استعادة بعض المناطق الرئيسية التي كان قد فقدها.

خطوط اتصال
ولا تزال دوائر الاستخبارات الإسرائيلية تواجه صعوبة في تقييم كيفية تصرف روسيا في حال نشوب حرب مع حزب الله. إذ تقف موسكو وحزب الله في سوريا، في المعسكر ذاته الذي يدعم نظام الأسد، ولكن الروس يحافظون على خط اتصال مفتوح وودي مع إسرائيل. وإذا اندلعت الحرب، فإن روسيا قد تحاول ردع إسرائيل عن اسقاط حزب الله، ويمكن أن يكون الروس (في حالة تراجع نفوذ أميركا والانخراط الاقليمي) هم من يطرح مسارا دبلوماسيا للخروج من الأزمة.
لقد عادت في الأسابيع الأخيرة للظهور مرة أخرى تقارير كانت قد شاعت في شهر مارس الماضي، حول محاولات من إيران وحزب الله لبناء مصانع في لبنان لإنتاج صواريخ عالية الدقة. وفكرة أن انتاج هذه الأسلحة الخطيرة سيكون على مقربة من مستخدميها النهائيين، يشكل مصدر قلق شديد لإسرائيل، ولكن يبدو وكأن هناك بعض المبالغة في الزعم بأن هذا التهديد وشيك. لقد ردعت التحذيرات الإسرائيلية إيران. ومن الواضح أن إسرائيل تحتاج إلى مواصلة الجمع بين التصريحات العلنية والضغط الدبلوماسي وعمليات الردع «تحت الرادار» لإبعاد شبح هذا الخطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى