المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةمقالات

‏النّفَسّ العُنْصّري أما آن له أن يُكْتَمُ ..؟؟!!

‏* بقلم: أحمد هاني القحص

‏في جُلّ المجتمعات قاطبة، تجد بينها الفروقات الطبقية، ما بين غني وفقير، وهذا الأمر غير خفي للجميع، فمن قديم الزمان وهذه الفروقات موجودة، وهي بالأساس ليست عيبا، بل هي أرزاق قسمها رب العباد بين عباده، وأضحى منهم غنيا والآخر فقيرا، وهناك من هو متوسط الحال.

‏لكن الغريب أن هذه الفروقات الطبقية تصل إلى حد المواطنة وإقصاء الآخر، وهنا الكارثة حقيقية، فالمواطنة بالأساس أُستندت على قوانين الدولة، والدولة هي من تحدد مواطنيها من عدمه، ولا شأن للأفراد في هذا الأمر إطلاقا، لأن ذلك سيفتح الباب على مصراعيه لتدخل الأفراد في شؤون قياداتها، وهو الأمر الذي سيفضي إلى التشاحن والتباغض بين الأفراد، وقد يصل إلى مدى خطيرٍ جدا لا تحمد عقباه.

‏وهذا إن دل، فإنما يدل على إبتعاد المجتمعات المسلمة تحديدا، عن دينها الحنيف، وعدم التمسك بتعاليمه التي تحث على المحبة والآلفة، والجسد الواحد ورص الصفوف، نظرا لأن الشريعة الإسلامية بحد ذاتها قانون سماوي مُنزّل من رب العالمين، وخالي من النقص والعيوب ” لله الكمال “، وبها تكمن القوة الحقيقة في شتى الجوانب، بدليل إنتشارها في أصقاع الأرض ( ولله الحمد ) على الرغم من محاولة الحاقدين لها على صبغتها بالصبغة الإرهابية.

‏الشاهد، أن النفس العنصري ولد من رحم الحسد، الذي ملأ القلوب، وجعل أعين أفراد المجتمع تنظر لما عند الآخر، متناسين أن الأرزاق بيد رب العباد، يوزعها كيف شاء ومتى شاء، ولن يأخذ أحدا سوى ما هو مكتوب له، وتزايد زفير النفس العنصري أضحى واضحاً وضوح الشمس في كبد السماء، في ظل وجود أصوات تُنادي لتهميش الآخرين، وكأنهم غرباء ودخلاء على المجتمع.

‏جميع ما ذكرته آنفا، ما هو إلا تمهيد، من أجل الإستشهاد بمواقف تعرضت لها شخصيا من قبل من يزفرون ذلك النفس، وسأبدأ في أول موقف حصل معي، وأستنكرته بشدة لمرارته الشديدة، لاسيما من قبل أشخاص تعرضوا لذات المرارة، إلا أنهم لم يتعلموا من هذا الدرس جيدا.

‏ذات يوم ذهبت لإحدى الدول الخليجية لزيارة الأصدقاء هناك، بعد غياب سنوات مضت لم أشاهدهم، وفي خضم الحديث عن أحوال المجتمع وأموره، جاء الحديث عن الإنتماء للمواطنة في ذات البلد، فما كان من أصدقائي، الذين كنت أعتبرهم أصدقائي ( قناعتي أن الحسود ليس بصديق بل هو عدو خفي )، رافضين بشدة لحصول الآخرين لجنسية ذلك البلد، علما بأن الآخرين من ذات القبيلة، وكانوا معهم في إحدى الدول التي رفضت تجنيسهم، إلا أنهم كانوا حازمين بقولهم بعدم إعطاءهم حق المواطنة.

‏الأمر الذي أصابني بالذهول، جراء تشابه المعاناة التي عانوه، وكيف يهنأ لهم بال في القبول لتذويق الآخرين نفس الكأس الذي شربوا منه، فضلا عن انهم لا يملكون من الأمر شيئا، ولا يحلون ولا يربطون، إلا انها كلمات تؤثم وتحاسب عليها يوم القيامة، كما أن الألسنة مغاريف القلوب، فلماذا نخرج ما في قلوبنا في ضرر الآخرين، ولو كانت مجرد كلمات ليس لها وزن عند صُناع القرار.

‏فهذ الأمر أصابني بالفاجعة حقيقة، بعد أن سمعته ممن ذاق المرارة، فكيف بحال من لم يذقها، هل يحق له أن يتكلم بذات الكلام أو أعلى من ذلك؟ أعيدها وأكرر .. هذا الأمر مرفوض ولا يقبل به من في قلبه ذرة خير، لانه مدعاة للحقد والكره والبغض، ولا يُقبل من أحد يخاف الله عز وجل.

‏الموقف الآخر، كان من فئة مستضعفة جدا ( وأنا شخصيا اعتبرهم جزء مني، وأكن لهم كل التقدير والإحترام، وأعتبرهم أهلي وعزوتي وتاج على الرأس )، إلا أني أستنكرت تعالي أصوات الغالبية منهم، حول موضوع فيه رزق من الله، يشملهم ويشمل غيرهم، على الرغم من الوضع الإجتماعي والاقتصادي السيء الذي يعيشونه، إلا أن ذلك لم يكن في حسبانهم، بل طالبوا بأن يكون الرزق لهم وحدهم دون غيرهم، وهو أمر أصابني بالإحباط، ” فلو قُدّر لهم بأن تكون لهم صفة في موضوع المواطنة، فهل سيقبلوا في ذلك” ، حقيقة أن الواضح أمامي أن النفس العنصري منتشر بكثرة وفي قلوب الغالبية ( الله المستعان ).

‏بينما الموقف الأخير لا يحتاج لإشارة أو توضيح، بل هو حديث الساعة، واللغط حوله كثير، ولا يتطلب مني الكتابة عنه، لأن أمواجه عالية، قد تجرف افراد المجتمع لقاع المحيط، مما يستدعي العقلاء والأخيار بالنظر لهذا الموضوع، نظرة دينية بعيدة عن التشاحن والحسد، وادعوا الله عز وجل بأن ينتهي هذا الأمر بالخير والسلامة، لأن كل ذلك منبعه الحسد الذي عشعش في قلوب البعض ( هداهم الله )، وأسأل الله لهم ولكل مسلم سلامة القلب وخلوه من الشوائب، وادعوه جلة قدرته بأن يمن على صدور المسلمين بالشفاء العاجل، ويخلصهم من زفير النفس العنصري. ( والله الهادي لسواء السبيل ).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى