رحيل الطيبين.. فقيد الكرم والصلاح عبيد بن منصور الشرافي

فقدت قبيلة الدواسر عامة، والشرافاء خاصة، يوم الاثنين الموافق 5 محرم 1447هـ، علماً من أعلامها، وركناً من ركائز الخير والصلاح فيها، برحيل العم عبيد بن منصور بن ناصر الشرافي، رحمه الله رحمةً واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
رحل الرجل الطيب، الذي ما عرفناه إلا تقياً زاهداً ورعاً، نقي السريرة، ناصع السيرة، بعيداً عن زخرف الدنيا ومتاعها، مُعرضاً عنها وهو قادرٌ عليها، فكان بحق من أولئك الذين قال الله فيهم:
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُواً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
عرفته منذُ نعومة أظفاري متواضعاً، لا يتغير مع الزمان، ولا تأخذه الدنيا عن مكارم الأخلاق؛ بقي كما كان: صافياً في تعامله، نقياً في خلقه، يفيض وجهه بالبِشر والود، يسكن القلوب قبل المنازل.
كان، رحمه الله، كريم السجايا، جواد اليد، لا يرد سائلاً، ولا يُحوج محتاجاً إلى سؤال؛ سخاؤه لا يُحدّ، وكرمه لا يُحصر، ولم يكن الكرم عنده رياءً أو تفاخراً، بل دِينٌ وعقيدة، وفعلٌ محضٌ لوجه الله، يرجو به الجزاء يوم المعاد؛ وما كان يلفت في شخصيته، أنه ما جعل من الطاعة عبئاً، بل كانت طبعه وسجيته، صلاة وصياماً، وذكراً وقياماً، يتلذذ بالقرب من الله كما يتلذذ الناس بزينة الحياة. عاش مطيعاً، راضياً، خاشعاً، فكان كما وصف الله عباده:
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ﴾.
ولم يكن الفقيد مجرد رجل صالحٍ لذاته، بل كان أباً ناجحاً، ربّى أبناءه تربيةً جعلتهم اليوم من خيرة الرجال خُلقاً وسيرة، يحملون إرثه الطيب، ويواصلون مسيرته في البر والعطاء والخلق الكريم. والولد الصالح كما أخبرنا نبينا من الباقيات الصالحات، حين قال صل الله عليه وسلم “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث:… أو ولد صالح يدعو له”.
أي فقد هذا، وأي رزية هذه؟!
ولكن عزاءنا فيه كبير، فقد خلف من بعده ذكراً عطراً، وأثراً نقياً، وسيرةً تروى على مرّ الأجيال، ولسان حال كل من عرفه يقول: “إنا لله وإنا إليه راجعون”، وقلوبنا تلهج بالدعاء أن يرفع الله مقامه، ويجعل قبره روضةً من رياض الجنة.
رحم الله العم عبيد بن منصور الشرافي، فقد عاش طيباً، ومات طاهراً، وترك في القلوب ألماً لا يُشفى إلا بلقاءٍ في جنات النعيم.
اللهم اجزه عن كل معروفٍ صنعه، وكل نفسٍ أفرحها، وكل يدٍ أعانها، خير الجزاء، واغفر له، ووسع مدخله، وبلغه منازل الصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
مبارك بن عوض الدوسري
@mawdd3