المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

أسعار سندات السعودية تتماسك رغم خفض التصنيف

رغم تخفيض «فيتش» لتصنيف المملكة العربية السعودية، تماسكت أسعار سندات المملكة، حيث بلغ عائد السندات الدولارية التي أصدرتها الحكومة السعودية والمستحقة في 2021 نحو 2.85 في المئة الأربعاء الماضي مقارنة مع 2.897 في المئة عند إغلاق الثلاثاء. ويجري تداول سندات الحكومة السعودية المستحقة في 2026 بعائد 3.66 في المئة مقابل 3.726 في المئة.
وقال متعامل في لبنان إن خفض التصنيف يخلق بعض النشاط في السندات، موضحاً أن تغيرات الأسعار في أضيق حدودها.
وفي الشهر الحالي بلغت تكلفة التأمين على الديون السيادية السعودية من مخاطر التخلف عن السداد أدنى مستوياتها منذ سبتمبر 2015.
وكانت «فيتش» قد خفضت تصنيف المملكة نقطة واحدة من AA- إلى A+، لكنها رفعت النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة.
وفي حين أكدت أن القيادة السعودية ملتزمة التزاماً قوياً بتنويع موارد الاقتصاد وتقليص اعتماده على النفط، لكن تلك النوايا قد لا تكون كافية حسب ما قالت وكالة التصنيف، إذ إن «نطاق أجندة الإصلاحات قد يفوق القدرات الإدارية للحكومة».
وأضافت أن الزيادات المزمعة في أسعار الطاقة المحلية بهدف تخفيف أعباء الدعم عن كاهل الحكومة قد تلحق ضرارا بالغا بالصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة، كما أن ارتفاع رسوم توظيف العمال الأجانب، في إطار الجهود المبذولة لزيادة معدلات توظيف السعوديين، ربما يقوض أجزاء كبيرة من القطاع الخاص.
وقالت وزارة المالية السعودية إن خفض وكالة فيتش التصنيف الائتماني للمملكة كان متوقعا، وتم بناؤه على تحليلات كمية ومؤشرات رقمية، فيما أن العوامل الأساسية للاقتصاد لا تزال قوية.
وأكدت «تأقلم الاقتصاد السعودي مع تقلبات أسعار النفط من خلال اعتماد أسعار نفط متوازنة وأكثر استدامة».
وقال وزير المالية محمد الجدعان  «أحرزت الحكومة تقدما كبيرا في مجال تحسين الكفاءة من خلال الترشيد وضبط سياسات الإنفاق». وأضاف الجدعان أن الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) تقدر عند 84 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وهي ثالث أكبر نسبة من حيث الناتج المحلي في العالم، كما أن الأصول الحكومية بوجه عام تتجاوز 100 في المئة من الناتج المحلي.
وتوقّعت «فيتش» في تقريرها انخفاض العجز الحكومي السعودي إلى 9.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2017 وإلى 7.1 في المئة في 2018، وقالت إن ديون الحكومة السعودية سترتفع إلى 14.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2018.
وقالت إن المخاطر الجيوسياسية في السعودية ما زالت مرتفعة نسبيا مقارنة بنظرائها الحاصلين على تصنيف في الفئة A.

جذب استثمارات أجنبية
من جهة أخرى، دعمت الجولة الآسيوية التي قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز هذا الشهر مساعي المملكة لجذب استثمارات أجنبية وتنويع موارد اقتصادها وتقليص اعتماده على صادرات النفط، لكن تلك الاستراتيجية لها ثمن كبير.
ففي الصين، شهد الملك سلمان توقيع صفقات تصل قيمتها إلى 65 مليار دولار في قطاعات من بينها الصناعات الخفيفة والإلكترونيات، وأبرز الجانبان دور السعودية في الاستراتيجية الصينية «حزام واحد، طريق واحد» التي تهدف إلى التكامل بين الاقتصادات الأوروبية والآسيوية.
وتضمّنت سلسلة صفقات في اليابان تعهدا من شركة تويوتا موتور بدراسة إمكانية تصنيع سيارات في المملكة.
وحمل ذلك أنباء سارة للرياض في ظل الجهود التي تبذلها لبناء اقتصاد صناعي متطور، تأمل أن يخلق ملايين الوظائف ويتيح لها التكيف مع حقبة النفط الرخيص. ولكن رغم ذلك، شهدت الجولة القليل من الخطط الملموسة للاستثمار الأجنبي في القطاعات غير النفطية بالمملكة، حتى وإن كانت على مستوى مذكرات التفاهم غير الملزمة.
وكانت معظم الصفقات الكبيرة في مجالات التكرير والبتروكيماويات، وليست في صناعات جديدة تأمل الرياض بتطويرها في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يعرف باسم «رؤية السعودية 2030».
وفي ما يتعلق بالاستثمارات التي يضطلع بها صندوق الاستثمارات العامة، أكبر صندوق للثروة السيادية في السعودية، فإن كثيرا من المشروعات المقترحة تقع خارج المملكة وتتطلب من الرياض نفسها تخصيص مليارات الدولارات كرأسمال استثماري.
واتفقت «أرامكو» السعودية النفطية الحكومية العملاقة على استثمار سبعة مليارات دولار في مشروع مشترك مع بتروناس الماليزية النفطية الحكومية، ووقعت مذكرة تفاهم للنظر في بناء محطات للتكرير والبتروكيماويات في الصين. وتعزّز مثل تلك الخطوات مركز المملكة، باعتبارها أكبر مورد رئيسي للنفط إلى آسيا، لكنها قد تستنزف أيضا أموالا تحتاجها السعودية بشدة لاستثمارات محلية.
وقال الخبير بكلية لندن للاقتصاد ستيفن هيرتوج إن من المنطقي أن تتطلع السعودية إلى آسيا، سعيا وراء فرص استثمارات وأعمال في ضوء نمو طلب المنطقة على الطاقة والصناعات التحويلية.
لكنه قال إن الرياض تواجه منافسة شرسة، وهي تحاول دخول مجالات صناعية جديدة، ولم يتضح كلية كيف سيتلاءم دور المملكة مع الاقتصادات الآسيوية بعيدا عن توريد الطاقة ولقيم البتروكيماويات.
وأضاف هيرتوج «تسحب السعودية حاليا من احتياطياتها الخارجية بوتيرة سريعة. إذا ضخّت أموالا كبيرة في استثمارات غير سائلة، فإن ذلك سيقصر أمد ربط عملتها بالدولار، والذي يتطلب الدفاع عنه أصول أجنبية سائلة كبيرة. هناك عملية موازنة واضحة هنا، يبدو أن استراتيجية الاستثمار الحالية لا تأخذها في الاعتبار».
وتأمل السعودية في أن يتيح لها إقامة روابط مع الشركات الصينية واليابانية العملاقة الاستفادة من أسواق المال والتكنولوجيا. وعلى سبيل المثال، وقّعت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) عملاق إنتاج البتروكيماويات اتفاقا مع سينوبك الصينية لدراسة فرص لمشروعات مشتركة في البلدين.
وتمضي الرياض في مسار مماثل مع الولايات المتحدة حيث ناقشت شراكات، تقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار خلال زيارة متزامنة لولي ولي العهد إلى واشنطن.
ومن بين استثماراته في الخارج، ضخ صندوق الاستثمارات العامة 3.5 مليارات دولار في «أوبر» الأميركية لخدمات تأجير السيارات، وتعهد باستثمار ما يصل إلى 45 مليار دولار في صندوق جديد للاستثمارات التكنولوجية مع «سوفت بنك» اليابانية.
لكن المشروعات المشتركة قد لا تكفي لجذب كثير من الشركات الأجنبية إلى السعودية، حيث تشير الشركات دائما إلى العقبات الإدارية والنظام القانوني غير المتطور وارتفاع التكلفة باعتبارها مخاطر تهدد إجراء أنشطة أعمال في المملكة، وتواجه الآن ضرائب جديدة وسياسات ترفع تكلفة توظيف الأجانب.
وانخفضت الاستثمارات الآتية إلى المملكة في الأعوام الماضية. فبعد ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى ذروته متجاوزا 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في 2008، تراجع إلى نحو ثلاثة في المئة في 2015 بحسب صندوق النقد الدولي.
واضطرت «أرامكو» إلى إنقاذ مدينة جازان الاقتصادية، التي كان من المفترض أن تعج بالصناعات الصينية الثقيلة، بعدما تم إلغاء خطط مشروعات مع شركات أجنبية في 2013.
كما أن مصنعا مقترحا لشركة جاكوار لاند روفر، بجوار أكبر مصهر للألمنيوم في العالم في رأس الخير، لم ير النور مطلقا.
وقال جيمس ريفي نائب كبير الخبراء الاقتصاديين لدى مجموعة سامبا المالية السعودية في لندن إنه إذا عرضت الرياض على المستثمرين الأجانب مقايضات لجذب استثماراتهم فإن صافي التدفقات المالية إلى المملكة ربما يكون ضئيلا.
لكنه يقول إن هذه الاستراتيجية تبدو منطقية، لأن الهدف الأساسي لا يتمثل في جذب أموال فحسب، وإنما أيضا التكنولوجيا التي تحتاجها البلاد لتطوير اقتصادها. (الرياض، دبي ــــ رويترز)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى