المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم

في الرد على الرسوم المسيئة لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم

 

 

د.محمد فضل البديري

 

على الرغم من إعلان الرئيس ماكرون أنه يفرق بين الإسلاميين المعتدلين والمتطرفين، إلا أن حديثه دائماً ينتقد الدين الإسلامي ككل، ويوافقه الفرنسيون في كلامه المسيء إلى الإسلام ومن آثار هجوم ماكرون على الإسلام أن أعادت فرنسا نشر رسومات كاريكاتيرية تتطاول على الجناب الرفيع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث قام معلم مادة التاريخ في إحدى المدارس الفرنسية يدعى “صامويل باتي” بعرض بعض الصور الكاريكاتيرية الساخرة المسيئة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- داخل حجرة الفصل الدراسي على طلابه، تحت إطار المناقشة العامة والنقد للنظام الإسلامي، وهذه الرسومات تسيء وتستخف بهذا النبي العظيم الذي ملك قلوب اتباعه منذ مبعثه وحتى زماننا هذا حباً وتعظيماً واقتداءً .
إن هذه الرسومات بلا شك دلالة واضحة على أن الحرب على الإسلام وأهله لا تزال مستمرةً, وأن دعاوى احترام الأديان إنما هي شعارات زائفة يروجها الغرب لصرف أهل الإسلام عن قضاياه الأساسية، فكم سمعنا منهم مراراًً وتكراراًً وهم يتحدثون عن عظمة الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم ولكن في الوقت نفسه لا يترددون في إطلاق العنان لأقلامهم الحاقدة في سب وشتم الإسلام وأهله،وإلقاء الشبهات حوله وحول رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجة حرية الصحافة التي تسمح ـ حسب مفهومهم ـ لكل حاقد على الإسلام وأهله أن يتبع هوى نفسه الأمارة بالسوء بالازدراء من دين الله تعالى ـ الإسلام ـ الذي جعله الله ديناً للثقلين ـ الإنس والجن ـ فلا ندري ما هي حدود ومعايير هذه الحرية؟ وهل من الحكمة التعدي على الإسلام وتوجيه الإساءة لمليار وثلاثمائة ألف مسلم ؟ ولماذا يعتبر الهجوم على مقدسات المسلمين من حرية التعبير ؟ والهجوم على محرقة اليهود أو مجرد التشكيك فيها جريمة يعاقب عليها القانون؟ أليس هذه من التناقضات والازدواجية التي كثيراً ما تُوقع الغرب في أخطاء جسيمة، وتفقده مصداقيته لدى الشعوب ؟ ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ) سورة آل عمران (118)، وقوله تعالى: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) سورة البقرة (217)،ولهذا لم يكن مستبعداً أن تشن تلك الصحف الغربية الحاقدة ولا سيما فرنسا التي تعيش فوبيا الإسلام ذلك الهجوم الشرس من أجل إيقاف عجلة الإسلام، والتي أصبحت بفضل الله تسري بين أبناء الغرب سريان أشعة الشمس وهي تلاحق ظلمةِ الليل مما أقضّ مضاجعهم وأقلقهم فراحوا ينالون من نبي الله وخاتم المرسلين ظناً منهم بأن تلك الإساءات ستضعف مكانته في نفوس أتباعه، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن !! حيث انتفض العالم الإسلامي وجاء الرد سريعاً بأن لا مساومة ولا تهاون مع من تسول له نفسه النيل من رسولنا الكريم نبي الرحمة والعدل وقد عبر المسلمون عن ذلك بكافة الوسائل الحضارية المشرفة استنكاراً للحدث ومنعاً لتكرار ذلك – وإن كانت هناك بعض التجاوزات الطفيفة التي هي محل استنكار وإدانة – حيث أظهر حراك الشعوب الإسلامية للعالم عن عميق حب الأمة لرسولها الكريم صلى الله عليه وسلم وأن حبه من صميم عقيدتهم وإيمانهم، وأنه لا يزول مع تتابع السنين والأحداث والفتن فهو أصل أصيل في الدين .
إنَّ التطاول اليوم و السب لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ليس أمراً جديداً، بل هو امتداد طبيعي للسلوك العدواني لأعداء الإسلام، فمن قبل كان مشركو العرب يؤذونه ويسبونه عند أول مبعثه، فقالوا عنه ساحر، وقالوا كاهن، وقالوا مذموم، وغيرها من الأوصاف التي لا تليق بمقامه الرفيع ، ولكنه صلى الله عليه وسلم صبر وجدّ واجتهد وعلم أن قومه لا يعلمون فقابل العداء والكراهية بالرحمة والشفقة والمعاملة الكريمة فكان عاقبة أمره أن مكنه الله من نشر دعوته ، حتى دخل النَّاس في دين الله أفواجاً وجعل عاقبة الذين آذوه الخسران المبين، وقد ذكر الله ذلك في كتابه العزيز مواسياً نبيه صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه : ( وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) سورة الأنعام (10)وقال تعالى(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ) سورة الرعد (32 ) وقال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) سورة الرعد (32 ) إنَّ الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم والذب عن عرضه من أفضل القربات مع يقيننا بأن الله جلَّ وعلا كاف نبيه صلى الله عليه وسلم و هو يتولى حمايته وحفظ رسالته يقول تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) سورة الحجر ( 9 ) . ويقول تعالى: ( إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ) سورة الحجر(95).
إن الانتصار للنبي صلى الله عليه وسلم على الأذى الذي لحقه من أعداء الإسلام واجب على كل مسلم ومسلمة كل حسب استطاعته فعلى طلبة العلم أن يبينوا صفاته وجميل خصاله من خلال الكتابة والخطابة، وعلى ولاة أمر المسلمين أن يخاطبوا حكام هؤلاء المسيئين ويطالبوهم بالكف عن الإساءة إلى الدين الإسلامي ومحاكمتهم محاكمة علانية حتى يكون عبرة لغيرهم وحتى لا تتكرر مثل هذه الإساءات ، كما على عامة الناس الالتزام بشرائع الإسلام والسير على هدي نبينا صلى الله عليه وسلم والتمسك بسنته وهو ما يغيظ الكفار روى البخاري في الأدب المفرد وابن ماجه وصححه ابن خزيمة من حديث عائشة – رضي الله عنها – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (ما حسدتكم اليهود على شيء كما حسدوكم على السلام والتأمين) وهذا نموذج لما يحسدوننا عليه
ولكن الهجوم على السفارات وحرقها وقتل المستأمنين من الغربيين الذين دخلوا البلاد بإذن وموافقة حكومات المسلمين فلا يجوز بل هو يدخل في الوعيد الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما) رواه البخاري، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني : (المراد به من له عهد مع المسلمين سواء كان بعقد جزية أو هدنة من السلطان أو أمان منه) فتح الباري ، ج6 ، ص 183.
ولا شك أن الاعتداء على المستأمنين خرق لتعاليم الإسلام فالواجب أن يعبروا بالأسلوب الحضاري الذي لا يخالف الشرع ويحقق رسالتهم ومطالبتهم بتجريم كل ما يسب الأديان أسوة بالقوانين التي سنوها في تجريم كل ما يشكك في المحرقة اليهودية !!
ولذا يقع على عاتقنا تعريف الغرب بنبي الإسلام والمسلمين ، وفتح قنوات الاتصال مع المنصفين منهم وتشجيعهم على مواصلة ما كتبوه من كتابات تبين علو مكانته وعظيم دعوته صلى الله عليه وسلم.ونشر الدراسات التي تتناول عظمته ورحمته للعالمين، وعالمية دعوته، ووجوب الإيمان به،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى