أ. د محمد بن ناصر البيشي
إن القطع بقوة الارتباط بين الاسباب والنتايج مسألة تحتاج تأمل ومزيد من التحقق ولهذا غالبية العلماء يقولون نظرية علمية وليس حقيقة قطعية حيث تتاح الفرصة للمزيد من التحقق فقد يكون الارتباط مصادفة وقد تكون الاسباب الحقيقية لحدوث الظاهرة غير الاسباب الذي ندعيها
ولهذا يجب التعامل بين الاسباب والنتائج بعدد من الاستراتيجيات ابرزها:
(1) الفصل بين الاسباب وبين النتائج والايمان بأن النتائج بيد الله وهو المتصرف بها كيف يشاء والطاعة لله بفعل الاسباب والدعاء بأن يبارك الله في الاسباب فالطبيب يفعل الاسباب والشفاء من الله؛ والطالب يفعل الاسباب والنجاح من الله والتاجر يفعل الاسباب والغنى من الله وهذا يعرف بعدالة الاجراء وعدالة القضاء. ونحن كبشر نقوم بعدالة الاجراء فقط؛ والله سبحانة بيده عدالة القضاء.
(2) في تقرير علاقة الاسباب بالنتائج يجب أن نتجنب القطع ونترك هامش ولو ضئيل لحدوث الخطا ونستخدم مصطلح: الفرض أو مصطلح النظرية.
(3) ان نتحدث عن النتائج من وجهه نظرنا ونقول هذا ما اراه شخصيا واعطي فرصة للاخرين ان يتفقوا او يختلفوا معي.
وهذا يثري البحث ويدفع للمزيد من كشف الغوص؛ ومعرفة الحقيقه.
(4) الاخذ في الاعتبار القوة الاستثنائية للخالق عز وجل والتي تجلت في كثير من المواقف ومنها ماحصل في قصر فرعون وتحديدا ما حصل لزوجته اسيا حيث ارادة الله: اقتضت انه “ليس بإمكان أحد أن يفسد أحدا، ففى القصر الذى كان يقول فيه فرعون : «أنا ربكم الأعلى» كانت آسيا في الغرفة المجاورة تقول: سبحان ربي الأعلى!
(5) الاعتراف بعجزنا كبشر عن فهم حكمة الله في كثير مما نشاهده وكما قالت الملائكه “سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا به.
وقد تقتضي ارادة الله كشف الحقيقة على يد احد من خلقه كما يعرف بالاكتشافات
وقد تقتضي حكمة الله عدم تمكين احد من خلقه بمعرفتها؟؟
تامل على سبيل المثال في قوله تعالى :
( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا *.
المتقين والفجار؛ والموت والحياة ظواهر مستمرة لم يستطيع احد ايقافها لا بتعليم؛ ولا بطب.
(5) ان بعض ما نظنه حقيقه اتضح في ما بعد انه ليس حقيقة وان هناك فرق بين الحقيقة وفهمنا كبشر لما نظنه حقيقه ومثال ذلك كروية الارض وقد كان البعض يراها مسطحه.
الخلاصة: أكثر من قول ” الله اعلم” ووضح ان هذا فهمك وما توصلت له وليس حقيقة الاشياء ؛واترك هامش ولو قليل من الاحتمالات الاخرى.
