المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

الوطني: تراجع تأثير الصدمة الأولى على الاقتصاد القطري

قال تقرير لبنك الكويت الوطني إن تأثير الأزمة الخليجية التي بدأت في الخامس من يونيو الماضي على الاقتصاد القطري جاء معتدلاً إلى حد ما، وقوياً في بعض القطاعات دون غيرها، مشيراً إلى تراجع تأثير الصدمة الأولى للاقتصاد الذي انعكس على مجرى التجارة والتدفقات المالية، كما يبدو أن الاقتصاد غير النفطي بعيداً عن الوقوع في فترة ركود. إلا أن ثمن الانعزال الإقليمي للاقتصاد القطري قد يستمر مع مرور الوقت، وذلك في حال استمرار الخلاف لسنوات عدة كما هو مرجّح.

أكثر القطاعات تضرّراً
قال التقرير: لم يكن تضرّر السياحة وتدفقات التجارة أمراً مفاجئاً لكونهما أول المكونات التي تأثرت بالمقاطعة الاقتصادية من قبل السعودية والإمارات والبحرين، وذلك بعد أن قطعت تلك الدول خطوط النقل الجوية من وإلى قطر.
فقد هبطت نسبة القادمين إلى قطر بواقع %55 في الفترة ما بين مايو ويونيو، ولا تزال متدنية بواقع %55 على أساس سنوي في سبتمبر. ويشكل السواح الخليجيون عادة ما يصل إلى نصف القادمين إلى قطر، حيث تراجعت هذه النسبة بشكل ضخم بواقع %84 على أساس سنوي في سبتمبر، بينما جاء انخفاض نسبة القادمين من دول أخرى معتدلاً عند %10 على أساس سنوي، وكان قد ارتفع في بداية العام.
وبدا تأثير الخلاف واضحاً أيضاً في بيانات تجارة البضائع. فقد هبطت قيمة الواردات بواقع %38 في الفترة بين مايو ويونيو، إذ شكلت دول الخلاف أكثر من %15 من جميع الواردات القطرية قبل الأزمة، بينما توقفت البضائع الأخرى الواردة لقطر بعد أن قامت دول المقاطعة بقطع طريق عبور هذه البضائع. إلا أن الواردات قد شهدت تعافياً في سبتمبر لتقترب من مستويات ما قبل الأزمة وذلك بدعم من استيراد السلع من تركيا وباكستان إضافة إلى تكثيف النشاط في ميناء حمد الجديد الذي يعد ثاني أكبر الموانئ في منطقة الخليج بعد ميناء جبل علي.
بالمقابل، لم تتأثر صادرات النفط والغاز بالخلاف، بما فيها صادرات قطر للغاز الطبيعي بواقع ملياري قدم مكعبة يومياً (%16 من إجمالي صادرات الغاز) للإمارات عبر خط أنابيب دولفين. وقد جنّب ذلك كل من الأوضاع المالية والميزان المالي الكثير من الضغوط.

المواد الغذائية والعقار
لم تتحقق المخاوف والتوقعات بشأن ارتفاع التضخم بشكل كبير في أسعار المواد الغذائية نتيجة توقف الواردات من السعودية، وذلك بدعم من تعافي الواردات. فقد قفز فعلاً التضخم في أسعار المواد الغذائية من %0 على أساس سنوي في يونيو إلى %4.5 في يوليو، إلا أن ذلك قد جاء أقل من التوقعات، كما أنه بدأ بالتراجع إلى %3.6 في سبتمبر. كما تراجع التضخم العام إلى – %0.4 على أساس سنوي نتيجة الضعف المتواصل في أسعار المسكن وضعف الضغوط التضخمية الأساسية، وذلك على خلفية الأزمة القائمة.
وشهدت أسعار العقار السكني حركة تصحيحية منذ بداية عام 2016، ورغم تدنيها على أساس سنوي فإنها ارتفعت نوعاً ما في النصف الأول من عام 2017. إلا أنه منذ ذلك الوقت، بدأت الأسعار بالتراجع، بنسبة %9 في الفترة بين يونيو وسبتمبر، الأمر الذي قد يعود لتراجع الثقة وضعف الأوضاع الاقتصادية. كما واجهت بعض الأصول في الأسواق صعوبة أيضاً، حيث تراجعت البورصة المحلية بواقع %17 منذ بداية الأزمة، مما جعلها الأسوأ أداءً في المنطقة خلال تلك الفترة. وتراوح أداء بعض أسواق دول مجلس التعاون الخليجي بين – %7 إلى + %8 في ظل تراجع النظرة المستقبلية لأسعار النفط.

الودائع والفائدة
ظهرت العديد من التغيرات الواضحة في القطاع المصرفي، إذ سحب الأجانب ما يقارب 12 مليار دولار (%23) من ودائعهم في البنوك القطرية منذ يونيو، إلا أن وتيرة السحب قد بدأت بالتراجع في الأشهر الأخيرة. وقد أدى ذلك بمفرده إلى إحداث فراغ هائل في ميزانيات البنوك كما رفع من احتمالية نشوء أزمة تمويلية في البنوك. إلا أن هذه التدفقات الأجنبية قد قابلتها تدفقات إلى الداخل بواقع 28 مليار دولار (+ %51) من القطاع الحكومي، ما أدى إلى زيادة نسبة الودائع الحكومية من إجمالي الودائع إلى %37. وأدى ذلك أيضاً إلى ارتفاع نمو الودائع إلى %18 على أساس سنوي في سبتمبر من %12 في مايو. في الوقت نفسه، لا يزال نمو الائتمان مستقراً عند %13 على أساس سنوي.
وارتفعت أسعار الفائدة لكن بنسبة ليست كبيرة. ولا يرجع سبب الارتفاع كلياً إلى الأزمة، فقد تم رفع أسعار الفائدة الأساسية بواقع %0.25 في منتصف يونيو بعد أن رفع الفدرالي الأميركي الفائدة، مما أدى إلى ارتفاع الفائدة التجارية. وارتفعت أسعار فائدة الإنتربنك بين البنوك بواقع 50 نقطة أساس منذ بداية يونيو، وجاءت نصف الزيادة قبل ارتفاع الفائدة الأساسية.
في الوقت نفسه، ارتفعت العوائد على سندات الحكومة السيادية المستحقة في عام 2026 قليلاً، لكنها لا تزال متدنية عند %3.6، والزيادة الطفيفة الأخيرة تعكس تحركات مماثلة في دول مجلس التعاون الخليجي. ولم تتأثر العوائد كثيراً من خفض تصنيف قطر الائتماني بدرجة واحدة بعد الأزمة من قبل وكالتي ستاندرد أن بورز وفيتش للتصنيف الائتماني.
وشهدت سوق الصرف تقلبات طفيفة. فقد أثارت بداية الخلاف بعض التساؤلات بشأن ارتباط العملة، مع ارتفاع سعر الصرف الآجل لسنة إلى 3.77 ريالات قطرية أمام الدولار الأميركي، أو أقل من سعر ارتباط العملة الذي دام 37 عاماً بواقع %4 والبالغ 3.64 لكنه بدأ منذ ذلك الحين بالتراجع. كما شهدت الأسواق الخارجية تقلبات نظراً لتدني السيولة. فقد تراجعت الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي بواقع %44 لتصل إلى 20 مليار دولار في الفترة بين مايو وأغسطس ولكنها تراجعت بواقع %15 لتصل إلى 39 مليار دولار فقط في أكتوبر بعد إعادة تصنيف الأصول.

الاقتصاد غير النفطي
أخيراً، تضم بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من عام 2017 ما يقارب شهراً كاملاً من البيانات المتأثرة بالأزمة الخليجية. إذ تشير البيانات إلى تراجع النمو غير النفطي إلى %3.9 على أساس سنوي فقط، أي أقل نمو على أساس ربع سنوي منذ ارتفاعه في عام 2011، مما أدى إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى %0.6. وإذا افترضنا جدلاً أن التباطؤ في الربع الأول يرجع إلى الخلاف الخليجي، هذا يعني أن الاقتصاد غير النفطي قد تباطأ إلى %1.3 على أساس سنوي فقط في ربع كامل. كما أنه من المحتمل أيضاً أن يأتي التأثير أقل في الأشهر المقبلة تماشياً مع تراجع تأثير توقف النشاط. وبالرغم من أن استمرار الأزمة سيخلف بالتأكيد العديد من المخاطر، فإننا ما زلنا عند توقعاتنا بأن الاقتصاد غير النفطي سيتباطأ إلى %4 في العامين الحالي والمقبل من %5.6 في عام 2016.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى