المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

بقلم: احمد هاني القحص

                 ” رأيت الناس شرهم الفقير “

   التاريخ مليئ بالدروس والعبر التي تجعل متتبعها وقارئها يستخلص عصارة السنين السالفة بالفائدة المرجوة، مما تجعله حصيفاً في جُل المواقف التي تواجهه، نطرا لان الزمان يعيد نفسه، وبالتالي، ان الموقف الماضي سيتكرر بذاته بإختلاف الزمان والمكان بالإضافة إلى الأشخاص.
   ومن تلك الدروس التي تعيد نفسها في كل زمانٍ ومكان، تتعلق بأفراد المجتمع ( الناس ) الذين يزنون الآخرين بميزان القوة بأنواعها، سواء كانت جاه او منصب وحتى مال، وقد جسد الامام الشافعي رحمه الله احوال الناس وميزانهم من خلال ابيات جميلة جدا صالحة لكل زمان .. يقول فيها:
رأيت الناس قد مالوا .. إلى من يملك المالُ .. ومن لا يملك المالُ .. عنه الناس قد مالوا.
رأيت الناس قد ذهبوا .. إلى من يملك الذهبُ .. ومن لا يملك الذهبُ .. عنه الناس قد ذهبوا
رأيت الناس منفضة .. إلى من يملك الفضة .. ومن لا يملك الفضة .. عنه الناسُ منفضة
وهذا والله واقعنا حال المجتمع اليوم الذي بات مع صاحب القوة والنفوذ في جميع الاحوال، سواء كان مصيبا ام مخطئا، نظرا للقوة التي يملكها بشتى انواعها.
  القاضي عبدالوهاب المالكي وهو احد القضاة في العراق، ضاقت به الحال هناك لدرجة انه لم يجد قوت يومه على الرغم من انه قاضي وصاحب علم، الا انه كان في ضيق عيش جعلته يغادر العراق الى مصر، بعد ان رأى الناس تذهب الى صاحب القوة والنفوذ، مما استدعاه لإنشاد عدة أبيات منها:
متى تصل العطاش إلى ارتواءٍ

اذا استقت البحار من الركايا
ومن يثني الاصاغر عن مرادٍ

اذا جلس الاكابر في الزوايا
وان ترفع الوضعاء يوما

عن الاكارم من اقسى البلايا
اذا استوت الاسافل والاعالي

فقد طابت منادمة المنايا
وهذا دليل عن ان الناس تجري خلف القوي حتى وان كان سيئا في سبيل الحصول على اي شيء، حتى وان كانوا يملكون كل شيء، فطمع الدنيا اعمى قلوبهم وابصارهم.
واختم بأبيات للشاعر الجاهلي عروة بن الورد يقول فيها:
ذريني للغنى اسعى فإني

رأيت الناس شرهم الفقير
واحقرهم واهونهم عليهم

وان امسى له كرم وخير
ويقصى بالندي وتزدريه

حليلته وينهره الصغير
وتلقى ذا الغنى له جلال

يكاد فؤاد صاحبه يظير
قليل عيبه والعيب جم

ولكن الغنى رب غفور
   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى