المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

الأنساب والأنصار والقبائل المحيطة بالمدينة

عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي

في البدء لست ممن يدرك الكثير من المعرفة والاطلاع في علم الأنساب للقبائل سواء داخل الجزيرة العربية أو خارجها وأنساب الناس عموماً. فهذا العلم له أهله من المختصين والمهتمين ويتوقف حد علمي على بعض الاطلاعات البسيطة جداً هنا أو هناك ومنها حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تعلمه حيث قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف: عن أبي هريرة رضي الله عنه :

“تَعَلَّموا من أنسابِكم ما تَصِلُونَ به أرحامَكم ؛ فإن صلةَ الرحِمِ مَحَبَّةٌ في الأهلِ، مَثْرَاةٌ في المالِ، مَنْسَأَةٌ في الأَثَرِ”. وأيضاً في كون بعض الصحابة على معرفة واسعة في هذا العلم ومنهم سيدنا أبو بكر الصديق، والفاروق عمر بن الخطاب، وحسان بن ثابت، وحكيم بن حزام، ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم رضوان الله عليهم، إضافة إلى السماع من بعض المختصين عن أصول القبائل وجذورها عبر التاريخ وديارها الأصلية والحالية وأن معظم القبائل العربية هاجرت من اليمن واستقرت في الجزيرة العربية ومن ثم كانت هجرة أخرى من الجزيرة إلي قارة أفريقيا وآسيا؛ بسبب التنقلات والبحث عن الكلأ والماء. وبطبيعة الحال الهجرات المباركة أثناء الفتوحات الإسلامية إلى جميع أصقاع الأرض. وأعتقد ولا أجزم أن خير من تناول هذا الموضوع لدينا وخاصة في العقود المتأخرة هو العلامة حمد بن محمد الجاسر _ يرحمه الله_ وهو في كل الأحوال علم نافع بشرط عدم استخدامه في العصبية الجاهلية من التفاخر والتباهي في الأنساب.

وحقيقة مما دعاني للحديث عن هذا الموضوع الهام هو ما صرح به مؤخراً لوسيلة إعلامية الباحث والمؤرخ القدير الدكتور فائز بن موسى البدراني عن دعوى انتساب بطون بعض القبائل المعاصرة حول المدينة للأوس والخزرج (الأنصار) بحجة تشابه الأسماء والمواقع حيث أكد أن الإدعاء لايقوم على أساس علمي؛ لأن الديار ليست حجة عند علماء الأنساب، ولم يقل به أحد من العلماء المتأخرين أو المتقدمين. وحقيقة سبق وأن تناولت هذا الموضوع تحديداً بين طرفي النزاع قبل سنتين تقريباً مع الطرف الأول الذي يدعي أن بعض البطون في بعض القبائل المعاصرة ماهي إلا امتداد لقبيلتي الأوس والخزرج(الأنصار) فقد تم التواصل معه من خلال صديق مؤيداً لِما ذهب إليه ولكن كان الرد بالاعتذار نظراً للمشاغل العلمية، أما الطرف الثاني فقد تواصلت معه شخصياً ووافق على عقد مناظرة تقوم على أساس منهج علمي واضح وبعيداً عن التكهنات والمزايدات والأساطير. وعليه نأمل أن تتم هذه المناظرة العلمية في إحدى الأندية الأدبية أو المنتديات الثقافية أو أية ملتقى مناسب وبحضور الباحثين والمختصين وجمهور واعٍ يبحث عن الحق والحقيقة ولعل ذلك يكون في القريب العاجل.

إن المأمول من كل باحث ومختص وخاصة من يتحدث في شأن عام يهم شريحة كبيرة من المجتمع أن يتحلى بقدر عالٍ من الثقة والشجاعة والشفافية وأن يثبت ماذهب إليه من حقائق وما أطلقه من إدعاءات وماتوصل له من نتائج علمية أصبحت بمثابة النظرية، وأن يواجه الطرف الآخر على مبادئ راسخة من الحجة بالحجة والدليل بالدليل والبرهان بالبرهان وإن لم يمتلك كل تلك الأدوات الفاعلة في بحوثه فمن الأفضل أن يجعل كل كتاباته التاريخية ودراساته المتخصصة حبيسة الأدراج فهي لا تُعطي حقيقة ولا تُضيف فائدة وستذهب بعد وقت إلى عالم النسيان.فقط تشغل فكر الناس وقت نشر تفاصيلها الكاملة وبالأخص في الوقت الحاضر عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ومنها “تويتر” ولنا عبرة في كلام الله حيث يقول سبحانه في محكم التنزيل:” فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى